للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غياث الدين غازي هو الذي حصن القلعة وشاد على مدخلها البرجين السابق ذكرهما وجعل له ثلاثة أبواب من حديد. ولما ينتهي الداخل إلى الباب الأخير يرى على جانبيه أسدين عظيمين ناتئين، وإلى الجانب الأيمن مزار يعزى إلى الخضر وكان ينسب للخليل (إبراهيم) يقصده بعض المسلمين، بالنذور والهدايا.

ومتى بلغ الداخل قمة القلعة يبدو له صحتها مركوماً بالأتربة والحجارة الضخمة ويرى أبرجة متهدمة وحنايا متشعثة وشرفات متداعية، أفنى عليها الدهر فدرست محاسنها وتعطلت زخارفها. وفي أواسط قمتها باب الجامع وعليه أنواع الوشي والنقوش العربية. وعلى جانبها الجنوبي دار العز أو دار الشخوص لكثرة ما كان فيها من التماثيل والزخارف وفي صحنها ركام من القنابر القديمة ومنها يدخل إلى ناد للملك الظاهر طوله الشمالي ٢٥ متراً في عرض ٧ أمتار وطوله الجنوبي ٢٥ متراً في عرض ١٥ متراً، وفي صدره نافذة كبيرة مستطيلة مربعة تطل على المدخل والمدينة وإطارها تطاريفها الخارجية دقيقة الصنعة محكمة النقوش يروق العين منظرها.

وفي أواسط قمة القلعة منحدر مسدود الآن كان ينزل منه إلى أنفاقها السفلية حيث كنيسة النصارى باقٍ بعض رسومها ماثلة من مثل حنية الكاتدرا وأعمدة وحنايا أخرى. وإلى جانبها الغربي مخازن حديثة البناء تحوي أصناف الذخائر والأدوات الحربية وإلى جانبها بئر الماء المعروفة بالساتور كان ينحدر إليها ب ١٢٥ درجة وعمقها الآن ٤٧ متراً. وذلك كله لا يناسب المدخل في شيء من حسنه ونقوشه وتصاويره وكتاباته المختلفة.

ومن قمة القلعة تنكشف لك المدينة مركومة بعضها فوق بعض ومن أعلى منارتها ينبسط

نظرك إلى مدى بعيد تجد منه منظراً بديعاً فاتناً يترك في النفس أثراً من السرور والانبساط وترى ما يكتنف حلب من الغياض والرياض الخضراء والسهول الخصيبة الواسعة وما يحيط بها من الربى والتلال إحاطة الهالة بالقمر أو السوار بالمعصم كأنها الحصون والمعاقل تحصنها وترد عنها الغارات العشواء.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>