هذه الآفة بقيت عند أرباب الثروة واليسار لهان أمرها وقل ضررها، غير أنها تخطت كل الحدود ودخلت حتى بيوت المسكنة والفقر فرأينا الرجل
الذي يصل ليله بنهاره في الكدح والجد ليقوم بأود معاشه، أصبح اليوم مضطراً مجبوراً إلى أن يكرس ما يربحه ثمن رداء تنتظره ابنته هدية باردة، وهي جالسة على منصة حكمها ودلالها. لأنها تبعث المودة هي أيضاً فلا ترتضى بحالة والديها ولا تكتفي بما لديهم من وسائل المعيشة. استنزفوا عرق جبينهم لتربيتها في المدارس الكبرى طمعاً في تعليمها الواجب لتكون فخرهم في حياتهم فكانت النتيجة آيلة إلى خرابهم. فقد خيبت آمالهم ولم تكتسب سوى المودة والتقليد.
نفختها روح الكبرياء وملكها حب التشبه بالكبراء، فظنت نفسها أرفع قدراً من والديها فأتتهم آمرة متحكمة. وإذا لم يتموا رغائبها ويجيبوا مطالبها خشنت أخلاقها، وأوقعت الاضطراب والكدر في المنزل غاضبة على هذا مستهزئة بذاك إلى أن يستملك الحزن قلبا فتضيع الشجاعة وتقطع الرجاء وتقول لليأس مرحباً.
مثل هذه الأعمال جعلتنا سخرية عند العقلاء وحملتهم على الاعتقاد بأننا سبب عنائهم وشقائهم وقاطعات سلك تقدمهم.
أطلقوا علينا هذا الحكم ونحن في القسم الأول من حياتنا.
وأما الحكم الثاني فيكون نتيجة الحكم الأول. فإذا دخلت إحدانا ميدان الحياة وحصلت القليل من الثروة تراها ماثلت صاحبات الألوف والملايين في لبسها وبذخها. فاشتغلت في زينتها ولهوها. وتخلت عن