بأكاليل الغار بل يغرسونها بعرق الجبين ويجنونها بكد اليمين ليزينوا بها جبهة رؤسائهم.
أما هم فجل ما إليه يتوقون هو ما يسدون به رمقهم ويسترون عورتهم، فلا يتقاضون الإنسانية جزاء تفانيهم الدائم واستهلاكهم المستمر إلا ما يعولون به عيالهم.
العملة هم الأحرف الصغيرة التي تنضد منها قصيدة البشرية، وتتألف منها أنشودة الكون. وما الكبار والحكام والمتمولون سوى أحرف العنوان الكبيرة التي تستلفت الأبصار وتستوقف القارئ ولا معنى ولا مداول لها إلا بما يليها من صغير الحروف.
بل قل إن العملة هم أشبه بأولئك البحارة الذين يشتغلون في داخل الباخرة. يوقدون ويديرون ويحركون. ولا يرى أحد لهم عملاً حتى أنهم أنفسهم لا يرون نتيجة عملهم إذ هم في قعر المركب مدفونون.
بيد أن سير السفينة الماخرة في عباب الماء، تحت زرقة السماء، نحو الأرض البعيدة، هو معول شغلهم، والفضل فيه راجع إليهم. . . .
نحن لا ننكر أن أولئك البحارة لا يصلحون بلا القبطان، كما أن الجنود لا يقوون بلا القائد لكنه قد يفوت الكثيرين فينسون أو يتناسون أنه لولا البحارة لما وجد القبطان، ولولا
العساكر لما كان القائد. كما أنه لولا حروف الكتابة الصغيرة، لما وجدت حروف العنوان الكبيرة. وهذه سنة الخلاق في خلقه.
تنبهت الحكومات الراقية إلى هذه الطبقة الأكثر عدداً الأقل حظاً،