باستخراج دفائن الكتب ومن الخزائن القديمة ونقلها إلى لغاتهم، وتقريب العلماء وإجراء الرزق عليهم، وإرسال النساخ إلى كل إقليم ينسخون ما فاتهم من المؤلفات حتى ملأوا المكاتب ورقوا آداب اللغة وعقدوا لذلك مجامع من علماء استقدموهم من أطراف مملكتهم. فهكذا ترقي الدولة آداب لغتها وترفع منار آدابها، وتنشرها بين ظهراني الناطقين بها، فتساعد المؤلفين وتمنحهم امتيازات لحفظ حقوق مؤلفاتهم استثماراً لها. فتكثر الرغبات في وضع المؤلفات العائدة على العربية بالنفع والمرقية لآدابها والناشرة للعلوم العصرية فيها. وطالما نرى عندنا أن زيداً يؤلف كتاباً فيغير بعض عباراته وعمرو يطبعه. أو انه ينسج على منواله مستعيناً بأسلوبه ويزاحمه فيه. فعلى آداب العربية السلام وعلى اللغة العفاء. بل طالما نرى المدارس والمؤلفات لا نظام يوحد مبادئها فلا أمل في إحياء اللغة بيننا على هذه الخطة.
٢ - الأمة - يجب أن تكون حريصة على لغتها شديدة الغيرة عليها. ومن سوء الحظ أن معظم المتعلمين عندنا والمعلمين ينظرون إلى لغتهم شزراً. فكيف ينتظرون من الحكومة أن تساعدهم؟ وإذا لم يعتقد كل عربي أنه من المعيب أن يتعلم الإنسان اللغات الأعجمية وهو يجهل لغته، فلا أمل في الإصلاح. ولرب معترض يقول وما النفع من لغتنا العربية مع
كساد بضاعتها؟ فأقول لمثل هذا المعترض أن الناطق باللغة العربية لا يستغني، مهما تيسرت له الذرائع خارج موطنه، عن العودة إليه. فبأي لغة يخاطب قومه ويكاتبهم ويخطب فيهم ويفاوضهم؟ وإذا شاء كتابة شيء في موضوع وأراد تعريبه فأي لباس يلبسه وبأي قالب يسكبه.