للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إدباراً وإقبالاً، متدججاً بسلاح نوره يروش سهام أشعته، ممزقاً بها حجاب الظلام مظهراً ما خفي وراءه من سهول وأعلام.

رويدك يا شبه الحبيبة فالجوى ... أضاع رشادي إذ رأيتك سارياً

رويدك قد حركت ساكن لوعتي ... وأرسلت دمعاً فوق خدي جارياً

رويدك في تعجيل طلعتك التي ... جعلت فداها الروح مني وماليا

رويدك دعني أملأ العين من بها ... سناك لعلي لا أذم اللياليا

نظرت إليه نظراً ملياً وتصفحته تصفحاً جلياً كأنه أدنى عائنة إلى ناظري، وأقرب الكائنات لمساً من يدي، فالفيت شأنه شأني وقد ألفت نظره أمري فتلاقت العيون بالعيون وراحت الأحداق هائمة في الأحداق تخترق أهداب الجفون. . . حتى أسفر وجهه الصبيح عن ابتسامة خفق لها الفؤاد منبسط الجوارح، ونزعت إليها الروح من بني الجوانح.

مضى حين وأنا منصت إليه وهو منصت إلي؛ أستمع لنجواه ويستمع لنجواي وإذا بغيمة

سوداء هاجمته وهو في غفلة عنها، وحالت بين وبينه مكتنفة إياه بجناحيها، فكئبت لذلك كآبة من أصيب بفراق نسيبه أو فجع بفقد حبيبه، ولا نسب بيننا غير ائتلاف العواطف ولا حب سوى أن بهاءه أشبه بهاء من أنا شاغف، وإن لم تكن عواطفه على شيء من السحر، أو أن بهاءه من بهاء بدري. فتطلعت إليه أتشوقه في مجراه، وأتبين بعد الاختفاء ما اعتراه، فلمحته حيران هائجاً، وهو مع الغيمة في عراك، ومنها في أحبولة وشراك، وكان ذلك الشراك على صدري الحرج نسيجاً من خيوط الأوهام، أو ستراً لبسته فتخرمته نصال السهام.

<<  <  ج: ص:  >  >>