ثم أمر بإحضارها، فلما رآها رأى صورة حسناء لم ير أحسن منها، ولا مثلها في الظرف والجمال والقد والاعتدال. فخاطبها فوجدها فصيحة اللسان حسنة البيان فقال: علي بالأعرابي فجيء به وهو في غاية من تغير الحال. فقال: يا أعرابي، هل لك عنها من سلوة، وأعوضك عنها ثلاث جوارٍ نهد أبكار، كأنهن الأقمار، مع كل جارية ألف دينار، وأقسم لك من بيت المال كل سنة ما يكفيك وما يغنيك؟
قال فلما سمع الأعرابي معاوية، شهق شهقةً ظن معاوية أنه مات بها فقال له: ما بالك بشر بال وسوء حال؟
فقال الأعرابي: استجرت بعدلك من جور ابن الحكم، فبمن أستجير من جورك، وأنشد يقول:
لا تجعلني فداك الله من ملك ... كالمستجير من الرمضاء بالنار
أردد سعاداً على حيران مكتئب ... يمسي ويصبح في هم وتذكار
أطلق وثاقي ولا تبخل علي بها ... فإن فعلت فإني غير كفار
ثم قال: والله يا أمير المؤمنين، لو أعطيتني الخلافة ما أخذتها دون سعاد. ثم أنشد:
أبى القلب إلا حب سعدى وبغضت ... علي نساء ما لهن ذنوب
فقال معاوية: إنك مقر بأنك طلقتها، ومروان مقر بأنه طلقها، ونحن نخيرها. فإن اختارت سواك تزوجناها، وإن اختارتك حولناها إليك.
قال: افعل - فقال: ما قولين يا سعاد؛ أيهم أحب إليك: أمير المؤمنين في عزه وشرفه وقصوره وسلطانه وأمواله وما أبصرته عنده؟ أو