المهاجرة التي بدأ بها النصارى أن شملت سائر الطوائف والملل من المسلمين والدروز والمتاولة فاقتعدوا غارب الرحيل إلى العالم الجديد وكان تيارها في بداية الأمر موجهاً إلى البرازيل وما قاربها قبل أن اتجه إلى الولايات المتحدة.
وصل المهاجرون إلى بلاد سادت فيها الحرية، واستتب الأمن، وتوفرت مصادر الارتزاق، والكل فيها سواء، برعاية النظام والقانون، والاشتراك في إدارة شؤون البلاد. فنزلوا في ميدان الجهاد وأقبلوا على العمل بنشاط واجتهاد. فأثروا شيئاً فشيئاً وتخلقوا بأخلاق القوم الذين نزلوا بينهم وفتح الكثيرون منهم البيوت التجارية الكبيرة بعد أن كانت تجارتهم دائرة على الكشة والجزدان ومدوا يدهم إلى الصناعة والزراعة فأحرزوا نجاحاً يذكر.
ويقدر عددهم الآن بثلاثمائة ألف في الولايات المتحدة وحدها وقد أسسوا أيضاً جوالي كثيرة في الجمهورية الفضية والبير والبرازيل والمكسيك وهايتي وسائر أنحاء أمريكا وأصبحت لهم بين القوم منزلة سامية، وقد أجاد حافظ إبراهيم وأبدع في وصف المهاجر السوري إذ قال:
يمضي ولا حلية إلا عزيمته ... وينثني وحلاه المجد والذهب
ير صرف الليالي عنه منقلباً ... وعزمه ليس يدري كيف ينقلب
بأرض كولب أبطال غطارفة ... أسد جياع إذا ما ووثبوا وثبوا
أسطولهم أمل في البحر مرتحل ... وجيشهم عمل في البر مغترب
ما عابهم أنهم في الأرض قد نثروا ... فالشهب منثورة مذ كانت الشهب