على مخيلتي. وأمور شتى تواردت على بالي. الكلمات التي قالها بطل أوسترليتز وفاغرام سجين القديسة هيلانة قطعت مسافة قرن من الزمان. وطرقت مسمعي من فم سجين المغاور أحد ضحايا المرأة.
تلك المخلوقة اللطيفة موضوع خيالي. من تسجد أمامها روحي وتحرق على مذبحها بخور أماني وآمالي. تلك التي اعترفت أن سعادة المرء منها. مثلت أمامي كشبح شقاء الجنس البشري وسبب تعاسته. شعرت بسلسلة آثام وجرائم. أولها إغواء حواء. وآخرها غواية
المسكين المنتصب أمامي.
الرجل. وما صار إليه من المدينة في القرن العشرين. هذا المخلوق الذي يزاحم بأعماله الألوهية. ويدرس سر الخلود. هذا الكائن مخضع الأرواح والعامل ما وراء الوجود. تصورته أسير جسم نحيف وقد نحيل، بل ألعوبة بين القلب والعين. بل فريسة نظرة وميل.
ولم يكن إلا لمحة بصر. حتى مرت أمام ناظري صور جميلة.
أمام النجاح الباهر في التقدم والعمران. وعلى أثر الانقلاب العظيم في البشرية والأكوان تذكرت كم لتلك اليد اللطيفة من التأثير في العمل وكم شددت من عزائم وأحيت من أمل؟ كم دفعت إلى الأمام. مسهلة الأمور. وكم رفعت من خافض محركة فيه الشعور؟ تذكرت - وما أحلى ذكرى لحاظ العيون السود. وسحر ورد الخدود. ولواجع قلب يخفق تحت رمان النهود - وقلت في نفسي: لله أفي تربية المرأة هذا السر المكنون والكنز المدفون.
ثم انتبهت إلى الواقف أمامي وقلت: هذا ما كان من الجريمة الأولى