إذا أرادت مناغاة ولدها ناغته بلغة أجنبية، ومتى كبرت ابنتها
وأسمعتها نصائحها سمعتها الابنة بلسان أجنبي. وعليه تشب هذه الصغيرة وعندها الميل الأكثر إلى ما تعودت سماعه فتظن أن اللغة الأجنبية تغنيها عن لغة قومها وهكذا تغفل وتكون على جهل تام من العربية وتاريخها، وقد رأينا كثيرات من اللواتي يتجاهلن لغتهن ظناً منهن أن في ذلك مفخرة لهن، أو بالأحرى تفرنجاً. فانظرن، يا صاحبات الرأي الصائب فينا، إلى هذه الأفكار التي سرت في عقول أكثر فتياتنا. أليس هذه دليلاً واضحاً على تأخرنا؟ وهل يرجى تعميم اللغة العربية وارتفاع شأنها عند الجنس اللطيف وفيه من يحتقرن ويجهلن لهذه الدرجة لغة أجدادهن؟ لعمري إن لم نسع لاستئصال هذه الأوهام من عقول هؤلاء الأخوات يخشى علينا من زيادة التهور. ولا يجب ن نلقى من هذا القبيل كل اتكالنا على الرجال إذ نحن صاحبات التأثير الأكثر مفعولاً في استمالة الرغائب والأميال لكل غاية نقصدها، فعسى أن ينصرف هذا المقصد إلى ما فيه هدايتنا ونهضتنا.
وإني بكل شكر وسرور أبسط يدي من هذا الوادي لمصافحة اليد التي بسطتها لي أديبة بيروت، بل أضع يدي بيدها للسير في الدفاع عن بنات جنسنا كل واحدة على طريقتها. كما أنني أرجو من سائر أخواتنا أن يطرقن هذه المواضيع التي تدور على شؤوننا الخاصة لأن بها العامل الأكبر على ترقينا ونهوضنا عسانا نصادف في الزهور الطريق المؤدية إلى ما فيه خيرنا وفلاحنا.