أو إلى الميناء، عند وصول كل قطار أو باخرة، لمراقبة القادمين، حتى إذا ما وجدوا بينهم فتاة قاصرة غريبة وحدها، بحثوا عن سبب هجرتها من بلادها، فأعادوها إلى أهلها، أو تولوا أمرها بإيجاد عمل لها تكتسب منه رزقها دون بذل ماء وجهها.
فما أجدرنا بتأليف مثل هذه الجمعيات العاملة، وبلادنا الشرقية، كما لا يخفى، محط لرحال الأجانب من كل أقطار المعمور، يقذف إليها تيار المهاجرة في كل أسبوع أناساً مختلفي الأخلاق والطبقات، بل الأحرى أن تؤلف كل جالية من الجوالي - وخصوصاً في مصر -
مثل هذه الجمعية، أو تجعل في جمعياتها الخيرية لجنة تهتم بهذه الشؤون وتتولى مراقبة البنات القاصرات اللواتي لا يجدن لهن في بلاد الغربة معيناً ولا مرشداً.
وما قلناه عن محلات التخديم والمحطات والمواني، يقال أيضاً عن المسارح والحانات وعن بائعات الزهر والموسيقيات والمغنيات الصغيرات في الشوارع حيث نشاهد منهن جيشاً جراراً يطوف القهوات، والواحدة منهن، على صغر سنها، تسعى في تقليد الكبيرات بحركاتها وغمزاتها ومداعبة الجالسين وتتعود منذ نعومة أظفارها سماع بذيء الكلام والمغازلة السمجة.
فإلى كل هذه الأمور نلفت أنظار الحكومة وجمعيات الطوائف المختلفة. فإن صيانة كيان الأمة وأخلاقها وقوتها لفي صيانة آدابها. وكما إننا اتخذنا التحوطات الشديدة ضد الهواء الأصفر، فلنتخذ تحوطات أشد وأعم ضد هواء المفاسد، فإن هذا الوباء أهول فتكاً وأسوأ عاقبة من ذاك.