لكم أسهرت جفن الرواة وخالفت ... حظوظك منها شرد غير نوم
شغفت بها طفلاً فأروي بديعها ... ولم أرو من وجدي بها نار مضرم
ولا عجب أني أحن صبابةً ... فيسري الهوى بالقول للمتكلم
أفي كل يوم فيك وجد كأنه ... طوى جانحاً مني على نار ميسم
أحمل ريح الهند كل تحية ... فكم من صبا منها عليك مسلم
وقد طالما حدثت نفسي وعاقني ... ترددها ما بين أقدم وأحجم
حلفت بما بين الحطيم وزمزم ... وبالروضة الزهرا ألية مقسم
لألفيت عندي دوس مشتجر القنا ... وخوضي في حوض من الطعن مفعم
أقل بقلبي في المواقف هيبة ... وأهون من ذاك المقام المعظم
وهب أنني باز قد انقض أشهب ... فهل يطمع البازي بلقيان ضيغم
ولكن لي من عفو مولاي ساتراً ... فها أنا ذا منه به بت أحتمي
أمحمود سامي إن يك الدهر خائناً ... وطال عليك الزجر طائر أشأم
فما زالت الأيام بؤساً وأنعماً ... وحظ الشقا بالمكث حظ التنعم
ولولا الصدى ما طاب ورد ولا حلا ... لك الشهد إلا من مرارة علقم
عسى تعتب الأقدار والهم ينجلي ... وينصاح صبح السعد في ذيل مظلم
وأهديك في ذاك المقام تهانئاً ... حبيرة مسدٍ في ثناك وملحم
(لهذه الرسائل بقية)
شكيب أرسلان