للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لها ولجدتها الهدايا البسيطة في ذاتها العظيمة بما قارنها من عواطف حبه. واتفق أن دعيت الجدة ليلتئذٍ إلى بيت كانت صاحبته مشرفة على الولادة، فلبت الدعوة عملاً بالواجب المرعية حرمته بين القرويين، وإذ ذاك لم يسع الشاب إلا الرحيل أدباً ولياقة، فسار قاصداً حلقة الأصحاب للسمر معهم فكان من أمره معهم ما عرفناه.

وبقيت سلمى وحدها تتسلى بذكر خطيبها، وإذا بالباب قد فتح فجأة ودخل إبراهيم عبد الله وهو في منتهى التهيج. فإنه كان يترقب فرصة يخلو له فيها الجو. فطال انتظاره حتى عيل صبره وكاد يقطع الأمل لو لم تواطئه الأيام وتمهد له السبيل في هذه الليلة. ولما دخل صاح بالفتاة والآن. . . . وهجم عليها. ففرت من وجهه ولجأت إلى زاوية البيت فتبعها. ولما ضاق بها المكان ولم تجد لنفسها مناصاً رجعت إليه لتدفعه، فوقع نظرها على خنجر في منطقة، فانتشلته بأسرع من لمع البرق وصاحت إليك عني وإلا قتلتك وكان التهيج والغضب قد أخذا منه مأخذهما حتى كاد يفقد رشده، فهجم عليها. ولكنها قابلته بطعنة خرقت أحشاءه. فوقع على الأرض صريعاً يتخبط بدمه ولم يلبث أن فاضت روحه الخبيثة.

وحينئذٍ اضطربت الفتاة واستولى عليها الذعر من هول هذا المشهد ونظرت إلى السماء نظر الخائف المستغفر ولسان حالها يقول: يا إلهي أنت الشاهد على غدره، لم يكن لي وسيلة أخرى لصيانة شرفي. أنا برئية يا إلهي.

ولكن إذا كانت بريئة في عين الله فكيف يعلم البشر براءتها وكيف يصدقون كلامها؟ وماذا عسى أن يكون من أمرها وكيف العمل للخروج من هذا المأزق الحرج. . . لم تجد سبيلاً إلا مواراة الجثة وكتمان الأمر خشية الفضيحة والهوان، ولكن ما الحيلة ومن يكون

نصيرها وسليم غائب، وجدتها بعيدة عنها، وكيف الوصول إليهما دون أن تتنبه الظنون.

دارت كل هذه الأمور في رأس الفتاة واستولت الحمى على دماغها المضطرب

<<  <  ج: ص:  >  >>