للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو يكثر من ذكر اسم الله العظيم مستعيذاً به من شر الأبالسة والجن. أما في الليل فما كنت تجد من يتجرأ على المرور من هناك ولو ملكته كل أملاك القرية لأن السكان كانوا يزعمون أن أرواح الموتى تطوف ليلاً في ذلك المكان، فيا ويل من يراها أو تراه.

ولذلك أحدث جواب سليم دهشة في الحاضرين، فنسبوا كلامه في بداية الأمر إلى المزاج أو الإدعاء. لكنه اتبع القول بالفعل وقام للحال فالتفع بعباءته وتلثم بكوفيته وقال: على الله الاتكال وخرج والجميع في حيرة من أمره.

٢

في بيت منفرد عن بيوت القرية فتاة يتيمة اسمها تعيش وحدها مع جدتها العجوز وتكتسب قوتهما بعرق جبينها من غزل القطن وتسليك الحرير.

وكانت الفضائل قد زينت روحها كما أن الطبيعة قد زانتها بالجمال واللطف المقرون بالشجاعة وليس ذلك بالشيء النادر بين القرويات.

وكان قد خطبها شاب يتيم مثلها ومكمل الصفات مثلها وهو صاحبنا سليم الذي عرفناه في مطلع هذه الرواية فأقسمت له أن تحفظ عهده وتصون وده، وعاهدها هو على مثل ذلك.

فكان الحب بينهما متبادلاً.

وكان إبراهيم عبد الله أحد الشبان المعروفين بسوء الأخلاق ولؤم الطباع قد فتن بهوى سلمى وأخذ يزاحم سليماً في حبها. ولكنها لم تكن تلتفت إليه. وكثيراً ما حاول أن يستميلها تارةً بالوعد وطوراً بالوعيد فلم تكن ألا لتزيد نفوراً منه. وقد علم خطيبها سليم بواقع الأمر فلم يكترث له لأنه كان واثقاً بمقدرته وفضله على إبراهيم ومكانته من قلب خطيبته. سيما وأنه يعرف في قرنه الوهن والجبانة فكان يعرض عنه ازدراء أو شفقة.

وقد جاء سليم في أول تلك السهرة ليلة رأس السنة فزار خطيبته. وقدم

<<  <  ج: ص:  >  >>