ثم أنهم اتخذوا فريسة لنار شهواتهم أغصاناً رطبة ناضرة.
وإذا كانت هذه الأعمال تشجب وتستنكر وهي تكون برضى الفريقين فكيف يعبر عنها حين تتم قسراً وعنوة مع من لم يبلغوا سن الرشد ولم يعرفوا من لذات هذه الدنيا إلا قبلات أم حنون، ومن آلامها إلا الحرمان من لعبة أو تأنيب والد شفيق.
فهل بعد ما نرى ونسمع صباح مساء يمل القراء لو طرق الكتاب موضوع الآداب مراراً وأكثروا من الحض على التربية وهي المصل الواقي الشافي من كل هذه الأوبئة؟ لا لعمري أن الواجب الأول على حملة الأقلام قبل التسابق في نشر الأنباء السياسية وإذاعة الاكتشافات العملية الجري والمباراة في هذا الميدان.
تتبدئ تربية الولد بين جدران المنزل وفي حجر العائلة بين الأخوة والأخوات حين تكون نفس الطفل كما قال عنها الشاعر اللاتيني هوراس كالشمع المرن تتكيف بالكيفية التي يريدها وليُّها ومن منا إذا تطلع في مرآة الذاكرة إلى تلك الأيام البعيدة لا يذكر كلمة سمعها أو حادثة شهدها كان لها أكبر تأثير على ضميره الأبيض ولا بياض السوسنة في الحقل،
وأشد وقع على قلبه الصافي ولا صفاء الماء المتدفق من الصخر.
ولكن ما أقل سهرنا على أولادنا وأكثر تغافلنا عنهم وهم في العقد الأول من العمر. انزل معي أيها الوالد إلى أي شارع شئت من شوارع المدينة وافتح هناك عينيك وأذنيك. تنظر ما تنبو منه عينك وتسمع ما