تنفر منه أذنك بل أنت لست بحاجة إلى فتح هذه وتلك فإن المشاهد المخجلة تلفت منك الأبصار قسراً، والكلمات البذئية تشق إلى أسماعك سبيلاً. بل علام أدعوك إلى ذلك وكثيراً ما تسمع وترى طفلك الصغير يأتي من الحركات ويفوه من العبارات بما يأبى القلم تسطيره، وذلك على مرأى منك ومسمع وأنت باسم له مشجع لعمله بسكوتك المذنب. . .
وعندما يبلغ الولد العقد الثاني من العمر ويصير يافعاً ينتقل القسم الأكبر من واجب تربيته عن عاتق الوالدين إلى عاتق المؤدب في المدرسة. ففي هذا الطور من العمر تتفتح أزهار النفس وتستعد لطرح ثمرها. فإن وجدت الأزهار هواءً نقياً وماءً طاهراً، جاءت نضرة زاهية. وإن لاقت هواءً ساماً وماءً فاسداً، جاءت ذابلة قبل الأوان. فترى الشاب شيخاً هرماً ويا تعس من كان هذا شبابه. . .
وفي هذا العمر تزداد مهمة متولي التربية أهمية بازدياد الأخطار المحدقة باليافع: أخطار داخلية لأن عقله بات يفهم ما لم يكن يفهمه وقلبه أصبح لعبة في تيار الأهواء النفسانية، وأخطار خارجية لأن هناك عشراء السوء يضعون يدهم بيده للسير في طرق الضلال؛ ودواعي الفساد تحدق به من كل جانب وتتنازع إرادته الضعيفة التي لم تتقو في نار الاختبار ولم تتصلب في خبرة الدنيا والناس.
وما عسى أن يكون مصير الفرد الذي ألقيت بذرة الرذيلة في قلبه طفلاً، ووجدت من يتعهدها ويعمل على إنمائها في صدره يافعاً. .؟ إلا أن مصير هذا المسكين لا محالة إلى أدنى هوات الانحطاط الإنساني.