وأمر بدفنهما وبنى فوقهما بناءين طويلين يقال لهما الغَريَّان وجعل لنفسه كل سنة يوم بؤس ويوم نعيم يجلس فيهما بين الغرييّن. فكان يكرم من وفد عليه في يوم النعيم ويقتل من وفد عليه في يوم البؤس. ولما وفد عليه حنظلة وافق وفده يوم البؤس. فلما نظر إليه النعمان ساءه وفوده في ذلك اليوم وقال له: يا حنظلة هلا أتيت في غير هذا اليوم؟ - فقال أبيتَ اللعن لم يكن لي علم بما أنت فيه - فقال: لو سنح لي في هذا اليوم قابوس لم أجد بداً من قتله، فأطلب حاجتك من الدنيا وسل ما بدا لك فإنك مقتولٌ لا محالة - وقال: أبيت اللعن وما أصنع بالدنيا بعد نفسي - فقال النعمان: لا سبيل إلى غير ذلك - قال: إن كان لابد منه فأجلّني حتى أعود إلى أهلي فأوصي إليهم وأقضي ما عليّ ثم أنصرف إليك - قال: فأقم لك كفيلاً - قال: فالتفت الطائي إلى شريك
بن عمرو بن قيس الشيباني وكان يكنى أبا الحوفزان وهو صاحب الردافة فقال:
يا شريكاً يا ابن عمرو ... هل من الموت محاله
يا أخا كل مصابٍ ... يا أخا من لا أخا له
يا أخا النعمان فيك ال ... يوم عن شيخٍ بكفاله
ابن شيبان كريم ... أنعم الرحمن باله
فأبى شريك أن يكفله. فوثب إليه قراد بن أجدع الكلبي وقال للنعمان: أبيت اللعن عليَّ ضمانه. فرضي النعمان بذلك وأمر للطائي بخمس مائة ناقة. فانصرف الطائي وقد جعل الأجل حولاً كاملاً من ذلك اليوم إلى مثله من القابل. فلما حال الحول وقد بقي من الأجل يوم واحد، قال