تماماً ثم حملته إلى جلالته الملكة. . . ولكني ما لي أراك لا تشرب كأسك أتراك شغلت بحديثي عنه؟؟
فقلت: حديثك يا سيدي السفير أطيب من الكونياك. فتناول كأسه وابتلعه ثم أشعل سيكاراً وامتص منه بضع مصات ملأ دخانها سماء الغرفة وعاد إلي فقال: يذكرني دخان هذا
السيكار بليلة ساهرة مرت بي على شاطئ البوسفور في الأستانة على أثر خلع السلطان عبد العزيز وقد أحرقت في تلك الليلة عدداً ليس بقليل من أمثال هذا السيكار. . . لأن لخلع ذلك السلطان وموته حديثاً سأطرفك به في إحدى ليالينا فقد كنت في ذلك العهد موظفاً في سفارتنا في عاصمة الترك وحضرت بنفسي وقائع تلك الرواية المحزنة فلم يفتني شيء منها!
- عفوك يا سعادة السفير! وحملت التقرير إلى جلالة الملكة ثم كان ماذا؟
- فلما اطلعت جلالتها عليه لم تجد فيه ما يريبها غير أني رجوت منها أن تستعيد ذاكرتها وقائع الأيام الأخيرة في القصر، ومازلت أسمع حديثها حتى ذكرت أنها غضبت مرة من السنيور غوميز رئيس الطهاة وعاقبته. وكان لهذا الرجل ولد صغير سنه كسن الملك ألفونس يحبه الملك ويهفوا إليه، فأنفذه أبوه إلى ألفونس يستعطفه عليه ولكنني أبيت مصرة على عقابه.
وفيما كانت جلالتها تقص علي هذه الأحاديث إذ دخل علينا الوكيل فقال لي: أمرتني يا حضرة الدكتور أن أستميحك لأذن لك داخل إلى القصر وهو ذا الآن ولد صغير واقف بالباب يستأذن بالدخول على أبيه. فقلت: من الولد ومن أبوه؟ قال بدريلو غوميز ابن السنيور غوميز رئيس الطهاة. قلت لا يدخل. بل احرص عليه في حجرتك حتى تصلك أوامري بشأنه! فالتفتت إلي الملكة قائلةً: وما شأن هذا الصغير حتى يمنع من الدخول على أبيه؟ قلت عفوك يا سيدتي إن هذا الولد ليس بدريلو غوميز بل رسول أنفذه سارقو الملك إلى القصر. فامتقع وجه جلالتها، واضطربت اضطراباً فقد جاء فيه أن بدريلو غوميز دخل