القصر إذ أذنت له بالدخول ثم لم يخرج منه فكيف يمكن أن يكون هو هو الداخل الآن؟ ونظرت إلى جلالتها فرأيت في عينها معاني القلق والخوف فرأيت أن لا أكتمها الحقيقة فقلت: وعدتك يا سيدتي بإعادة ابنك إليك وها أنذا أبر بوعدي الآن قبل الميعاد المحدد. إنني ذاهب لآتيك بألفونس الثالث عشر!!
ثم خرجت ووقف على باب الدائرة المخصصة لسكنى السنيور غوميز وعائلته وطرقت الباب، فسمعت صوتاً من الداخل يقول: أو هذا أنت يا بدريلو؟ ثم فتح الباب نصفه فدخلت فإذا أنا برجل كبير الجثة، عرض الصدر، مفتول الساعدين، متين العضلات. فلما بصر بي
نظر إلي نظرتي نمر كاسر وقال: من أنت يا سنيور؟ قلت طبيب أرسلتني إليك جلالة الملكة لأعودك. قال أنا أشكر تعطفات جلالتها ولكنني لست بحاجةٍ إليك فقد زايلني الطبيب الساعة. قلت لا بأس ولكن أمر جلالتها يجب أتنفيذه فدعني أجس نبضك على الأقل ثم تناولت يده بغتة قبل أن يحير جوباً وقلت له إن نبضك سريع يا سيدي وأنا أرى أن حالك تقتضي تبديل الهواء لأن مناخ هذه الدائرة من القصر سام قتال. هلم بنا إلى الخارج. . . فاتقدت عيناه بالشرر وارتمى على مقعد هناك وقال: بلى أن رأيك سديد يا سيدي الدكتور غير أني أشعر بارتخاء في أعصابي فأنا لا أستطيع مزايلة هذا المكان اليوم! فلم أكترث لجوابه ولكنني تقدمت إلى باب مقفل في أقصى الحجرة وهممت بفتحه فإذا بذلك الرجل قد وثب إلي وثبة الذئب الجائع يريد أن يحول بيني وبين الباب فشهرت مسدسي وصوبته إلى صدره قائلاً له: مكانك أو تموت!! فارتد إلى الوراء خائفاً مذعوراً ففتحت الباب ودخلت فرأيت الملك مضطجعاً في كرسي طويل وماسكاً قرصاً من الحلوى يأكله قضمة قضمة.
حينئذ وقف السفير فتجرع كأسه ووضع باهميه في كمي صدريته عند الكتف وقدم رجله اليسرى مسافة نصف خطوة عن اليمنى ونظر إلي بكبرٍ وإعجاب فقلت: ثم كان ماذا؟ فهز كتفيه وقال بصوتٍ أجش: كان ما أنت تعرفه ويعرفه جميع الناس! أنني أعدت ألفونس الثالث عشر إلى سرير الملك الذي يتربع فيه اليوم!!