هل تذكر أيامنا السالفة والعهود التي كانت تربط قلبينا معاً رباطاً كنا نهزأ إذا قيل لنا أن الأيام ستفت فيه؟ أمل تقل لي يومئذ أنك تحب الحياة لأنني في الحياة، وتخشى الخلود لأنه قصير المدى في أعين المحبين؟ فأين ما كنا نتعلل به من أحلام الشباب؟
* * *
. . . . أنا جالسة إلى نافذتي اكتب إلي هذه الأسطر ولا اعلم أين أنت. أنت بعيد عني ولعل بين وبينك شقة شاسعة من الماء والفضاء. أرى الشمس وقد أوشك قرصها أن يختفي وراء الأفق وهي تنثر التبر من أشعتها الذهبية. كنت أود لو أنها لم تكن مشرقة على هذا العالم لأن ذلك أدعى إلى مؤاساة الحزين ولأن في ابتسامتها شماتة بالقلب المنكسر. وما أوقعها عظمة في النفس وهي واقفة تلقي على الكون حية الوداع.
* * *
لست ألومك لما جرى. . . ولكنني آسف لزهرة غرسناها فلما آن قطوفها لفحتها ريح محرقة. فإذا كانت الآلهة تستطيع أن تعاقب البشر فهذا منتهى الشدة في العقاب. ألم أحب
الآلهة لنني أحببتك؟ ألم أتمثلك دائماً الكل في الكل؟ ألم أقل لك أنني أخشى أن ينتهي الخلود قبل أن يشبع القلب من حبك؟.
* * *
لزمت الفراش مدة فلم أترك غرفتي قط. لا أزال أشعر بضعف وشقاء. في لجو غيمة، وفي قلبي غيوم. ليتني أنسى الماضي وأعود إلى