فلما بلغت الرسالة إلى المذكور وطالع ما في شرح السلام من التشابيه المكلفة، لم يتمالك أن ضحك منها وقهقه، وقال لبعض جلسائه ممن ألم بالأدب: سبحان الله قد رأيت أكثر الكتاب يتهوسون في إهداء السلام والتحيات إلى المخاطب كأنما هم مهدون إليه عرش بلقيس أو خاتم سيدنا سليمان. فتراهم يشبهونه بما ليس يشبهه، ويغرقونه في الإغراق، ويغلونه في الغلو، حتى يأتي مبلولاً محروقاً. . . وما أدري ما الذي حسن لأرباب فن الإنشاء أن يضيعوا وقتهم بهذه الاستعارات والتشبيهات المبتذلة، وبنظم الفقر المتماثلة في المعنى. مع أن العالم يتأتى له أن يبدي علمه بعبارة واحدة إذا كانت رشيقة اللفظ بليغة المعنى. وهذه ألف ومئتا سنة قد مضت ومازلنا نرى زيداً يلوك ما لفظه عمرو، وعمراً يمضغ ما قاله زيد، وقد سرى هذا الداء في جميع الكتاب.
(ثم استطرد الكاتب بعد كلام بمعنى ما تقدم إلى ذكر الألقاب بطريقة التهكمية المعتادة قال:)
حد اللقب عند المشرقيين أنه هينة ناتئة، أو زنمة أو علاوة زائدة متدلدلة تناط بكونية الإنسان، وعليه قول صاحب القاموس العلاقي الألقاب لأنها تعلق على الناس. وعند الغربيين أي عند الإفرنج أنه جليدة تكوّر في الجسم. وشرح ذلك أن الهنة يمكن قطعها واستئصالها مع السهولة. وكذا الزنمة وكذا العلاوة يمكن ركسها وقلبها. فأما الجليدة فلا