غنى عن نصرتهم. ولعلها تخاف من أنهم إذا تمدنوا قلبوا لها ظهر المجن وعادوا إلى مجدهم السابق. وهذا كله من التخيلات السياسية ومن الأوهام التي لم تدر في خلد العرب.
ولما أتيت بغداد ورأيت الحالة الحاضرة أبديت ما أوجبته علي الوطنية العثمانية والعربية للطرفين المتقابلين المتصلين بجامعة الدين وشرحت ذلك بسلسلة مقالات بسطتها في جريدتي الرياض وبينت للعرب ما ينجم من الفوائد الجمة إذا انضموا إلى أبناء آل عثمان وصاروا يداً واحدة على الأعداء. ولقد أثر كلامي هذا في أبناء وطني تأثيراً عظيماً كان ذا نتيجة تذكر لكن ذهب هذا كله أدراج الرياح لما رأوا أن الدولة العثمانية لا تعيرهم أذناً مصغية ولا أحلاماً واعية. فلعل الزمان يحسن النيات في أبناء عثمان فيجني هؤلاء في بضع سنين ما لم يجنوه بحذرهم مدة سنوات متطاولة.
هذا فضلاً عما شرحت للحكومة مما يجب أن تتخذه من الاحتياطات اللازمة لمنع دخول الأسلحة إلى بلاد العرب. وذكرت لها الوسائط الحسنى للبلوغ إلى تمدن صادق وأرسلته إلى أحد مبعوثي العراق. وبعد أن قرئ في المجلس حول إلى النظارة. ولا أدري بعد هذا ما جرى بع. ولعله ضاع أو احترق مع جملة الأوراق التي ذهبت في إحدى حرائق الأستانة في هذه الأيام الأخيرة.
أما ميلهم إلى العلوم الأدبية كالشعر والنحو وعلوم الآلة والسياسة والاجتماع فمما تظهر منافعه عن قريب إذا ما تحسنت الأحوال وتوفرت وسائط النقل والانتقال بعد أمد غير بعيد بمنه تعالى وكرمه.