للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منذ شهرين تقريباً أحد هؤلاء الشعراء، وهو هنري ده رنييه.

لم يبال ده موسه بالنقد والناقدين بل اكتفى برضى السيدات عن أشعاره، وإعجاب الشبيبة الفرنساوية بمنظوماته. فانفصل عن أعضاء جمعيته انفصالاً تاماً، ولم تضم سنة حتى نشر قصيدة أخرى اتبعها بمنظومات متعددة، لم يفهم قيمتها أبناء تلك الأيام إلا القليلون منهم. ولما كان في الثالثة والعشرين من عمره اجتمع بالكاتبة الشهيرة جورج ساند، وكانت هذه تكبره بخمس سنوات تقريباً، وقد مثلت هذه المراة النابغة دوراً مهماً مؤلماً في حياة الفرد ده موسه، وكان تأثير ذكرها في كتاباته عظيماً جداً حتى أنك تكاد لا تقرأ شيئاً مما كتبه بعد التقائه بها، إلا وترى فيه رمزاً يدل عليها. تحكك ذكاؤه بذكائها، وناهضت قواه الأدبية قواها، فأحدث هذا التحكك وهذه المناهضة، بين هذين النابغتين، شعلة محرقة، كما يحدث

في تلامس الأسلاك الكهربائية. وكادت هذه الشعلة تذهب بحياة الشاعر فأدرك الخطر وابتعد عنها ابتعاداً كلياً (١٨٣٥) لكن ذكرها تبعه كيفما توجه. فنظم كتابه إلى لامارتين ولياليه وهو يعينها دائماً، وهذه القصائد تعد من أبجع وأرق ما كتب بالفرنساوية في هذا الباب.

وكانت أيام ألفرد ده موسه الأخيرة معذبة تعسة، حتى سئم الحياة وأضحى ينتظر الموت بفروغ صبر، وتراكمت الأمراض على جسمه فأعيته وسحقت، او وزادت في سحق فؤاده. وظل على هذه الحال حتى وفاه القدر في سنة ١٨٥٩، فتوفي على أثر مرض في القلب، ولا عجب أن يموت

<<  <  ج: ص:  >  >>