التلميذ العزيز العائد إلى رياض المدرسة لتجني من زهر الآداب والعلوم عسلاً شهياً لك ولأهلك وبلادك. نخصك بالتهاني، وجميع القراء يشاركوننا في ذلك، لأن فيهم أباك وأمك، وأخاك وأختك.
منذ شهرين ونيف جرت الامتحانات في المدارس، وأقامت معاهد العلم الحفلات الشائقة لمكافأة ذوي الجد والاجتهاد. فنشرت أسماؤهم علناً، ولم تضن الصحف اليومية بإفساح محل واسع بين أخبارها للثناء على المبرزين من الطلبة وإطراء ذكاء من حاز قصب السبق منهم في ميدان الدرس. فكم كان يخالج صدرك حينذاك من عواطف الفرح والحبور لقيامك بالمفترض عليك إن كنت من الفائزين. أو كم كان يتلاعب في رأسك من أفكار التأسف والندم على ما فات من فرض أهملته أو درس تهاونت فيه أو واجب تأخرت عن القيام بع إن كنت من الخاسرين.
من يصف لنا ما دار في خلدك عند أو بتك إلى أهلك ظافراً غانماً أو خاسراً صفر اليدين؟ أو أي قلم يصور لنا ما كان في تقبيلك لأهلك وتقبيل أهلك لك من العواطف والمعاني؟
بهذه القبلة قلت لهم أنك فهمت ما يتكبدونه من الضحايا في سبيلك وسبيل تهذيبك إذا كان قد عدت ويداك مثقلتان بشهادات جدك، وإكليل الغار والظفر يعلو جبينك الوضاح المتلألئ بنور الغبطة والأمل. وكم كان إذ ذاك بقبلتهم لك من الفخر والابتهاج، لأنك شرفت اسمهم
الذي ستعرف به في المجتمع الإنساني، فأنسيتهم عرق الجبين وكد اليمين والنفقات الباهظة.