لقلة مؤونة ما يطلبه الإيمان منهم وعلى هذا المبدأ قلنا في مقالتنا الأولى: إن أهل نجد يعتمدون في ديانتهم واعتقادهم على الكتاب والسنة.
وبودي أن أبسط الكلام في هذا الموضوع وأبينه بأجلى برهان حتى لا يبقى للمعترض أدنى حجة، ولكن ضيق الوقت لا يسمح لي بذلك وعليه فلا جناح علي إذا تابعت هذا البحث في مقالات متتالية. وعندي أن فوائدها لا تقل عن فائدتها إذا كانت مفرغة في حلقة مقالة واحدة.
نجد في سالف العهد
إذا هبطت ديار نجد وتجولت في أنحائها تجول مفكر متدبر تعثر فيها على آثار تدلك دلالة
واضحة على أنها كانت في العهد القديم معهد حضارة ومنتجع علم مرتاد عمران راق وأن لم تكن على نحو غيرها التي كشف لنا تاريخها عن أحوالها وما كانت عليه من العروق في المدنية والشموخ في العز والأصالة في العلم والحضارة؛ ترى اليوم في المغاور والكهوف المنقورة في الأودية والجبال البعيدة عن السكنى ما يدهشك من الآثار؛ ترى رسوم كتابة ورقماً لا تشبه كتابتها الكتابة الإفرنجية ولا العربية بل هي كتابة خصوصية لعلها كلدانية قديمة أو نبطية أو مسند أو ما ضاهى هذه الكتابات القديمة؛ ترى عاديات وآثاراً وهياكل كالتي تشاهد مثلاً في سدوس قرب بلدة ملهم إذ هناك تمثال دفعت بدلاً عنه دولة أوروبية مبلغاً طائلاً من المال فأبى أصحابه بيعه؛ ترى أبنية فخمة ضخمة وآثاراً جليلة تشهد بأن بناتها كانوا أهل جد وجهد وجلد،