ثار عرابي ثورته سنة ١٨٨٢. فكانت من أهم الحوادث شأناً في تاريخ مصر الحديث، بل من أعظمها تأثيراً في السياسة الأفريقية. وقد مر عليها ما يناهز الثلاثين سنة وهي لا تزال تبدي لنا نتائجها المختلفة. أما شهرتها في الشرق وخصوصاً في القطرين المصري والسوري فهي تفوق كل شهرة سواها، وقد اتخذها العامة للتأريخ فيقولون مات فلان أو ولد فلان أو حدث ذلك سنة عرابي.
في ٢١ من سبتمبر الماضي غادر هذه الحياة موقد نار تلك الثورة الذي يرى القارئ رسمه في هذه الصحيفة، وكان قد غادر حياة السياسة منذ بضع عشرة سنة. . . ولد أحمد عرابي في قرية هرية رزنة في مديرية الشرقية حوالي سنة ١٢٤٨ هجرية من أبوين عربيين ودرس القراءة والكتابة على المعلم ميخائيل غطاس صراف تلك الناحية مدة خمس سنوات، ثم دخل المدرسة العسكرية وطرد منها بعد سنتين فالتحق بالأزهر حيث قضى أربع سنوات. وكان سعيد باشا والي مصر يبحث عن أولاد الفلاحين ليعلمهم ويوليهم الوظائف فدخل عرابي العسكرية ثانية وأظهر من الصفات ما مكنه من الوصول إلى رتبة بكباشي في سنين قلائل. وكان في هذه الرتبة على أول عهد إسماعيل باشا ولكنه اختلف مع رئيسه خسرو باشا فحكم عليه بالتوقيف ٨ أيام، فلم يمتثل لأن الضباط الوطنيين كانوا قد تشعبوا بالكره للجراكسة والترك بحجة أنه ما كان واحد منهم يرقى إلى أكثر من رتبة أميرلاي. فانضم عرابي إلى جمعية سرية ألفها علي الروبي لمعاكسة الجراكسة. ولما أرسل إسماعيل باشا