العرب. ولقد جاءت رسالته في الموضوع الذي ذكرناه طافحة بالملاحظات الجديرة بالاعتبار.
* * *
مهما كابر المكابرون لا ينكر أن الغربي الآن قد نال الأسبقية على الشرقي في ميدان الحضارة والعلوم. وقد أصبحنا في حاجةٍ إلى الرجوع إلى أبحاث علماء الغرب حتى في الأمور التي تتعلق بنا أشد العلاقة. فبتنا ندرس تاريخ أمتنا وجغرافية بلادنا في كتبهم ومؤلفاتهم. فأحدث ذلك عندنا تبلبلاً واضطراباً في ضبط الأعلام العربية وإرجاعها إلى أصلها. وهذا هو الأمر الذي قام الأستاذ نلّينو يدعو إلى تلافيه أعني آفة التحوير بل التشويه الذي يدخل على الأعلام الشرقية. فإن كتاب الإفرنج وعلماءهم قلما يحسنون نقل هذه الكلمات بلفظها الصحيح إلى لغاتهم. ولذلك، على ما نرى، سببان: الأول أن آذانهم لم تتعود سماع بعض مقاطع ومخارج لغاتنا فيسيئون كتابة ما يسمعون من أسماء الأعلام. والثاني - وربما كان هذا هو السبب الأساسي - إن اللغات الأجنبية تخلو من بعض حروف اللغات الشرقية ولاسيما الحروف الحلقية كالحاء والخاء والعين والقاف، فيستعيضون عنها بحروف تماثلها على قدر الإمكان، وكثيراً ما يخلط هؤلاء الكتاب بين
التاء والطاء، والدال والضاد، والسين والصاد، والقاف والكاف إلخ وذلك للسبب نفسه، أي خلو لغاتهم من حروف فارقة بين هذه المخارج، فتجيء كتاباتهم أحياناً بعيدة عن أصلها، غريبة في وضعها، وكثيراً ما يلبسونها بالنقل حلة