الإنسان وعالم بمقدار ما وهبته من القوة، وما ابتليته به من الضعف، وهو مسير بمشيئتك إن تشأ فرجت عنه بنسيم بليل ينعش قواه، وإن تشأ جعلت له في دنياه درساً وعظة ففتحت عليه ثغرة من ثغرات جهنم.
سمع الله نداءهم وحال بنيهم وبين ألسنة اللهيب ببساط من الغيوم بل قل ببساط من رحمته.
احتكت فأرعدت، وما هو في الحقيقة إلا صوت من قبل الله لمن يذكر أو يخشى يقول: اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم بها ولا تكفرون. . ثم دمعت عيناها فبللت وجه الأرض وغسلت أوراق الشجر، فسكن الغبار وصحا الجو وظهرت الطبيعة بأجمل مظاهرها.
نظرت بعد ذلك الطير وقد اجتمعت فوق الأغصان فأقامت الصلاة لله خاشعة مؤتمة بكبير لها وسمعت القمري إلى جانبها يذكر الله، كأنه المقرئ يرتل سورة الكهف يوم جمعة في مسجد، أو الأرغن يلحن الترنيمات الإلهية في كنيسة يوم أحد.
نظرت الظباء وقد سرحت في مراعيها تحت ظل الأدغال بجانب الآساد والذائب كأنما هي بالبيت الحرام في شهر المحرم وسمعتها تهمس بذكر الله الذي بدلها عن الشر خيراً.
نظرت نهر النيل وقد مخض مياهه فتلاطمت أمواجه وتداخل بعضها في بعض فظهر سطحه كقباب من الفضة متجاورة صفت صفاً صفاً وكأنما قد ركبت على زنبق فهي دائمة الحركة، وسمعت من حركتها الحمد لله والثناء عليه.