نظرت الأشجار فإذا بها تهتز يمنة ويسرة كأنها صفوف من أرباب الطرق والأشاير يذكرون الله قياماً وقعوداً
نظرت ثنيات الهضاب والجبال تتثنى تحت رشاش دموع السحب فتحسبها المولوية ترقص على نغمات الناي.
نظرت ما نظرت وسمعت ما سمعت، فقلت: تباركت يا ذا الجلال والإكرام فهذه الكائنات كلها تحمدل بآلائك وتثني على نعمائك.
وبينا أنا أمتع نظري بهذه المرئيات إذا أوحت إلي الأمارة بالسوء أن أنظر إلى أكمل وأبدع
هذه المخلوقات وهو الإنسان هل حمد الله وأثنى على نعمته التي انعم عليه بها؟
أجبت وقد تميزت من الغيظ: تباً لك من نفس سيئة الظن، أتحسبين إن الإنسان، وهو سلطان هذه الكائنات، لا يشكر فضلاً ولا يذكر جميلاً؟
قالت: ليس الخبر كالخبر وحبذا لو كذب حدسي وخاب ظني.
قمت وأنا حانق على نفسي، ومررت في طريقي بحانات الخمر ومحال اللهو والقصف، فوجدتها غاصة بالناس على اختلاف طبقاتهم ونحلهم وبين أيديهم كؤوس أم الكبائر، يدور بها فتيان وفتيات، سمعت من فاجر القول وفاحش اللهجة ما أبدل سروري حزناً، سمعتهم يقولون ما أحلى السكر وما أجمل الخمر في هذا اليوم الصحو الذي لا يصلح معه إلا اللهو، ولا تظهر محاسنه غير الخلاعة، ولا ينعش الفؤاد فيه إلا ما حرم الله!!!