لو علم الظالم أنه باستقلاله الرعية واستذلالها يزيد عذابه في محكمة الخلود، وأن لا مفر للخائن من عذاب الضمير وتعنيف الوجدان، إذا هو أفلت من يد القانون، لما ظلم الظالم
ولما خان الخائن.
ولو كنت ممن يعتقدون بمذهب البسيمسم القائل بتقلص الخير تقلصاً تدريجياً من هذا الكون الفاسد وسيادة الشر فيه لتمنيت مع هارتمان الألماني أن تثور شرارة كهربائية فتحرق البشر في أقل من لمح البصر.
ولكني أدين بدين ليس في شيء من هذا المعتقد الوهم المناقض لقاعدة بقاء الأنسب، والعامل على تقويض هذا المجتمع وتشنيعه بلا إثم ولا حرج.
أدين بدين الحب ... ركائبه فالحب ديني وإيماني
تأملات يتمخض بها فكر الكاتب في الصين فتلد فتصادف قلوباً واعية وآذاناً صاغية لربما أجزلت ثوابه وأعلت جنابه. وحقائق لو قذفها يراع في بلادنا غتت بلادنا في الضحك منها وسخرت واستغربت وصعرت خدها وصخبت وجازته بالجبنة والغلظة، وما ذاك إلا لأن الرقي في الصين - وهي في أول عهدها بالدستور يتخفر للانزلاق من حجر أمه ولابد له من يوم يعض نواجذخ ويبلغ أشده وهو عندنا موثوق بخناقه، مخنوق بوثاق من لا مبدأ لهم ولا اخلاق.
لو لم أدن بدين الحب ولو لم يتغلغل في فؤادي حبي لبلادي لحطمت هذه القصبة، مجلبة المتربة، وجلوت عن هذه البلاد مهد الخمول والشقاء، وصقر المصلحين الأدباء.