للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإسلامي، كما أن سلاطين تلمسان وفاس قد تنازعوا السيادة هناك مدة ثلاثة قرون. وقام بعد ذلك مولاي إسماعيل معاصر لويس الرابع عشر ملك فرنسا واقفاً في وجه الأتراك الفاتحين في ذلك الموضع نفسه.

وفي ذاك العهد كان السنوسيون منحازين إلى صاحب الجزائر. ولربما كان مولاي إسماعيل أول من تمكن من إخضاعهم بعد حملتين قويتين حملهما عليهم سنة ١٦٧٩ و١٦٨٠ فخرب دورهم واقتلع آثارهم وأنزل بهم الويلات حتى ساءت حالهم وتضعضعت أركانهم، ولم يسالمهم إلا بعد أن سلموا سلاحهم وخيولهم وبنى في جبالهم ثلاثة حصون منيعة.

وأول مقابلة في ساحة القتال بين الفرنسويين والسنوسيين كانت سنة ١٨٤٤ وكان عددهم الأكبر وبأسهم الأشد في جيش سيدي محمد الذي انتصر عليه المارشال بوجو في معركة إسلي. وقد كان هذا الانتصار عظيماً، لكن المعاهدة التي تلته جرت على الفرنسويين كل ما

لاقوا بعد ذلك من الصعاب في تلك الأمصار، لنهم كانوا يجهلون تخطيط البلاد فقبلوا بتحديد التخوم الفاصلة كما عرضت عليهم فأصبح قسم من القبائل داخلاً في منطقة الحماية الفرنسوية وظل قسم كبير خارجاً عنها، فصعب على فرنسا توطيد سلطتها في مستعمراتها الأفريقية.

على أن الجيوش الفرنسوية لم تتقيد في حملة ١٨٥٢ بنص المعاهدة ولم تحترم تلك الحدود. فقد جاء في تاريخ الجزائر تأليف بليسيه ده رينو أن الجنرال ده مونتوبان لم يخش أن يجتاز التخوم الفاصلة، بل تعداها متتبعاً آثار السنوسيين، وقد فعل الجنرال ماك ماهون فعله من جهة

<<  <  ج: ص:  >  >>