حدود تونس دون أن يقوم من يعترض. وذلك لأن أنظار الدول في ذاك العهد لم تكن متجهة إلى ذلك القسم من أفريقيا، ولم يحتج السلطان عبد الرحمن صاحب مراكش لأن فرنسا كانت قد هددته بالزحف على بلاده إذا صدر منه ما يقلقها.
أما السنوسيون فدفعتهم جرأتهم إلى شن الغارة على القبائل الراضخة للفرنسويين، فجندت فرنسا ٤. ٥٠٠ مقابل بين مشاة وفرسان. وزحفت الحملة إلى جهة تخوم مراكش وكانت القبائل قد حشدت هنا جيشاً لا يقل عن ٦. ٠٠٠ محارب. ولكنه لم يهاجم الفرنسويين بل اكتفى بمناوشات صغيرة مدة من الزمن، ولما غولو على الهجوم أصابهم الفشل وعادوا خاسرين. هذا أهم ما كان في حملة سنة ١٨٥٢.
أما حملة ١٨٥٩ فإنها كانت أكبر أهمية. وسببها أن رجلاً في بلاد الزاوية اسمه سيدي محمد بن عبد الله قام ونفخ في صدور السنوسيين روح الثورة والتمرد. فهجموا في شعر أغسطس من تلك السنة على سيدي ظاهر وكسروا الجنود الفرنسوية المرابطة هنالك وسلبوا القبائل الموالية لها. فلعبت برؤوسهم خمرة الانتصار وجمعوا جموعهم حتى بلغوا السبعة آلاف وهجموا على وادي التيولي فدحرتهم الجنود الفرنسوية فتقهقروا إلى ما وراء التخوم واشتدت الفوضى في البلاد فعزمت فرنسا على أن تضرب الضربة القاضية فأرسلت جيشاً يناهز العشرين ألف مقاتل بقيادة الجنرال ده مارتنبري فتحصنت القبائل في الجبال والمضايق. ولكن لما سدت في وجهها أبواب الفرج حضر الحاج ميمون أحد زعمائهم إلى