للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يمكن لرجل واحد أن يلعب في حياته عدة أدوار على مرسح هذا العالم، ويكون محرزاً الفخر الحقيقي لنفسه، وجالباً النفع العمومي على قومه وبني جنسه.

ومن إصلاحاته الإدارية في عالم التجارة والماليات إحداثه الطريقة المعروفة بالتصفية المحلية. وحينما كان سكرتيراً لنقابة صيارفة لندرا (وهو مركز شغله مدة ٢٥ علماً) تم له أيضاً أن يصلح طريقة التصفية العمومية. وإذا أردت أن تتصور أهمية هذين الإصلاحين فحسبك أن تعلم قيمة الأوراق المالية التي تمر في الإدارة التي كان هو الداعي إلى تأسيسها قلما تقل عن ١٠٠. ٠٠٠. ٠٠٠ جنيه إنكليزي في اليوم الواحد.

ونذكر في هذا المقام أنه تخرج في كلية ايتون حيث أظهر ذكاء غريباً، وفاز بقصب السبق في جميع الفروع، ولكنه لم يدخل جامعة اوكسفورد أو كمبردج بل دخل مدرسة العالم الكبرى وابتدأ حياته العلمية في الرابعة عشرة من عمره. وكل ما أحرزه من العلم والمعرفة بعد ذلك إنما احرزه بفضل رغبته وصدق عزيمته. والحق يقال إنه لم يرث من أبيه الأموال الطائلة فقط، بل ورث معها الأميال العلمية التي اتبعها وكان خير خلف لخير سلف. فإن أباه كان راسخ القدم وطويل الباع في الفلكيات والرياضيات وله آثار تأليفية خالدة. ولعل نجله الصغير (وهو فتى دون العشرين من السن) يكون خير خلف له أيضاً، فإنني رأيت فيه على حداثته شاباً غزير المواهب واسع الإطلاع، وقد خرجت معه لفسحة في الأحراج والجنائن المغروسة حول القصر، فشهدت وسمعت منه ما أود لو سمح المجال بذكره مثالاً للتربية الإنكليزية.

ولنعد بعد هذا الاستطراد إلى حيث وصلنا من ذكر الإصلاحات التي أحدثها مؤلف هذا الكتاب في التجاريات والماليات، فنرى أن فضله يشمل حتى أصحاب الملايين، ولكنه غير مقصور على هؤلاء الأفراد القلائل، فإنه يعم الملايين، بلا

<<  <  ج: ص:  >  >>