ووعدنا حينئذ بتمثيل رسمه على إحدى صفحات الزهور لنجمع بين صورتيه المعنوية والشخصية. ولقد سرنا أن فريقاً كبيراً من الأدباء أعجب بشعر هذا الشاعر المجيد، وهو ما توقعناه من قبل، فكتب إلينا يسألنا عنه، ويلح علينا بنشر ترجمته إلى جانب رسمه، فخاطبناه في ذلك فبعث إلينا حضرته بالكلمة التالية فلم نر خيراً من نشرها كما هي. قال:
طلبت إلي كلمة تعرفني إلى القراء. فإن أردت تلك الكلمة عن منتماي فهو إلى الشيخ بدر الدين الذي كانت بينه وبين الأمراء المعنيين صلة قربة. وهذا الجد الأعلى رزقه الله عده أبناء منهم ناصر الدين الذي نسبت إليه أسرتنا. كان بدر الدين يقطن عين داره وتوفاه الله فيها وبها قبره إلى الآن. ثم طرأت بعد موته حوادث صدعت شمل أبنائه فانتحى كل منهم ناحية. وكان إن اتخذ ناصر الدين كفر متى وطناً له.
وإن أردتها عن مولدي فقد كان في شهر محرم الحرام من سنة ١٢٩٧ هجرية. فعمري الآن اثنتان وثلاثون سنة. وأشهر حوادث حداثتي أني كنت أقول أبياتاً من الشعر قبل أن تعلمت القراءة والخط فكان والدي يكتبها لي، ويصحح لغتها دون وزنها. ومرة بعثت إلى المرحوم الخليل خليل اليازجي، وكان مصطافاً في عبيه، ببيتين من شعري الصبياني فسر بهما كثيراً وأجابني عليهما بهذه الأبيات:
أنت الصغير الكبير النفس منتسباً ... بها لأسلافك الشم العرانين