ابن العربي أن بانيها بتحوس ملك آشور ووهم قوم أن بانيها نمرود أول ملوك بابل وكل هذا يقتضي له
من إعمال النظر وما لا يسعه صدر هذه المقالة.
وما لا شبهة فيه إن حلب كانت مدينة عامرة في المئة الرابعة عشرة قبل الميلاد كما يظهر من كتابة مصرية ترتقي إلى عهد رعمسيس الثاني من الدولة التاسعة عشرة وصف فيها عامل مصري رحلته إلى شمالي سورية وذكر في أثنائها (خلبو) أي حلب مرات. وقد نظر هذه الرحلة شباس العالم معلقاً عليها بعض الشروح.
ولا يمتري أحد الآن فيما يرجحه الأكثرون من أن بناة حلب هم الحثيون الشماليون وقد كانوا شعباً قوياً نشيطاً نزلوا على سورية الشمالية فعمروها وتغلغلوا في أطرافها في هد فتوحات ملوك مصر الفراعنة التي توالت على سورية من القرن السابع عشر إلى الرابع عشر قبل المسيح وما تركه هؤلاء الحثيون من الكتابات والآثار والرسوم في نواحي حلب وحمص وحماه أسطع دليل على ذلك الترجيح.
ولما غشى رعمسيس الثاني سورية بجحافله الجرارة لقتال موتنار ملك الحثيين بسبب نقضه شروط المحالفة التي عقدها مع سلفه ساتي الأول كان ملك خلبو (حلب) إلى جانب موتنار وتحت قيادته ثمانية عشر ألف جندي فجرت واقعة هائلة على أسوار قادس دارت فيها الدوائر على الحثيين فتفرقت صفوفهم طرائق وهرب موتنار وغرق ملك حلب في جملة من غرقوا في نهر العاصي وفي صورة هذه الواقعة المنقوشة على هيكل الأقصر