الثَّوَابُ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ، وَأَصَحُّهُمَا: يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِقَدْرٍ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِرْفَاقُ الْمَسَاكِينِ. فَعَلَى هَذَا، إِنْ أَكَلَ الْجَمِيعَ لَزِمَهُ ضَمَانُ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَفِي قَوْلٍ، أَوْ وَجْهٍ: يَضْمَنُ الْقَدْرَ الَّذِي يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ فِي التَّصَدُّقِ عَنْهُ، وَسَيَأْتِي فِيهِ قَوْلَانِ، هَلْ هُوَ النِّصْفُ، أَمِ الثُلُثُ؟ وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَجْهًا: أَنَّهُ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ بِأَكْلِهِ الْكُلَّ، عَدَلَ عَنْ حُكْمِ الضَّحِيَّةِ، فَكَأَنَّهُ أَتْلَفَهَا. وَيُنْسَبُ هَذَا إِلَى أَبِي إِسْحَاقٍ، وَابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَلَى هَذَا، يَذْبَحُ الْبَدَلَ فِي وَقْتِ التَّضْحِيَةِ. فَإِنْ أَخَّرَهُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، فَفِي إِجْزَائِهِ وَجْهَانِ. وَفِي جَوَازِ الْأَكْلِ مِنَ الْبَدَلِ وَجْهَانِ. وَهَذَا الْوَجْهُ الْمَذْكُورُ عَنِ ابْنِ كَجٍّ، وَمَا تَفَرَّعَ عَلَيْهِ، شَاذٌّ ضَعِيفٌ. وَالْمَعْرُوفُ، مَا سَبَقَ مِنَ الْخِلَافِ. ثُمَّ مَا يَضْمَنُهُ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ، لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ وَرَقًا. وَهَلْ يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ إِلَى شِقْصِ أُضْحِيَّةٍ، أَمْ يَكْفِي صَرْفُهُ إِلَى اللَّحْمِ وَتَفْرِقَتِهِ؟ وَجْهَانِ: وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ: يَجُوزُ تَأْخِيرُ الذَّبْحِ وَالتَّفْرِيقُ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؛ لِأَنَّ الشِّقْصَ لَيْسَ بِأُضْحِيَّةٍ، فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ وَقْتُهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ.
فَرْعٌ
الْأَفْضَلُ وَالْأَحْسَنُ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَأُضْحِيَّتِهِ، التَّصَدُّقُ بِالْجَمِيعِ إِلَّا لُقْمَةً، أَوْ لُقَمًا يُتَبَرَّكُ بِأَكْلِهَا، فَإِنْهَا مَسْنُونَةٌ. وَحَكَى فِي «الْحَاوِي» عَنْ أَبِي الطِّيبِ بْنِ سَلَمَةَ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِالْجَمِيعِ، بَلْ يَجِبُ أَكْلُ شَيْءٍ. وَفِي الْقَدْرِ الَّذِي يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ التَّصَدُّقُ عَنْهُ قَوْلَانِ: الْقَدِيمُ: يَأْكُلُ النِّصْفَ، وَيَتَصَدَّقُ بِالنِّصْفِ، وَاخْتَلَفُوا فِي التَّعْيِينِ عَنِ الْجَدِيدِ. فَنَقَلَ جَمَاعَةٌ عَنْهُ: أَنَّهُ يَأْكُلُ الثُلُثَ، وَيَتَصَدَّقُ بِالثُلُثَيْنِ. وَنَقَلَ آخَرُونَ عَنْهُ: أَنَّهُ يَأْكُلُ الثُلُثَ، وَيَهْدِي إِلَى الْأَغْنِيَاءِ الثُلُثَ، وَيَتَصَدَّقُ بِالثُلُثِ. وَكَذَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ تَصَدَّقَ بِالثُلُثَيْنِ كَانَ أَحَبَّ. وَيُشْبِهُ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute