فَرْعٌ:
فِي الْإِشَارَةِ إِلَى طَرَفٍ مِنْ مَسَائِلِ الدَّوْرِ يَتَعَلَّقُ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ
وَاعْلَمْ أَنَّ مُحَابَاةَ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، حُكْمُهَا حُكْمُ هِبَتِهِ وَسَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ، تُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ. فَإِذَا بَاعَ الْمَرِيضُ عَبْدًا يُسَاوِي ثَلَاثِينَ بِعَشَرَةٍ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ، بَطَلَ الْبَيْعُ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ، وَفِي الْبَاقِي طَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: أَنَّهُ عَلَى قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ صَاحِبِ «التَّهْذِيبِ» ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ هُنَا وَصِيَّةٌ، وَهِيَ تَقْبَلُ مِنَ الْغَرَرِ مَا لَا يَقْبَلُ غَيْرُهَا. فَإِنْ صَحَّحْنَا بَيْعَ الْبَاقِي، فَفِي كَيْفِيَّتِهِ قَوْلَانِ. وَيُقَالُ: وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَحْتَمِلُهُ الثُّلُثُ، وَالْقَدْرِ الَّذِي يُوَازِي الثَّمَنَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَيَبْطُلُ فِي الْبَاقِي، فَيَصِحُّ فِي ثُلُثَيِ الْعَبْدِ بِالْعَشَرَةِ، وَيَبْقَى مَعَ الْوَرَثَةِ ثُلُثُ الْعَبْدِ وَقِيمَتُهُ عَشَرَةٌ، وَالثَّمَنُ وَهُوَ عَشَرَةٌ، وَذَلِكَ مِثْلُ الْمُحَابَاةِ وَهِيَ عَشَرَةٌ. وَلَا تَدُورُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ إِذَا ارْتَدَّ الْبَيْعُ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ، وَجَبَ أَنْ يَرْتَدَّ [إِلَى] الْمُشْتَرِي مَا يُقَابِلُهُ مِنَ الثَّمَنِ، فَتَدُورُ الْمَسْأَلَةُ؛ لِأَنَّ مَا يَنْفُذُ فِيهِ الْبَيْعُ، يَخْرُجُ مِنَ التَّرِكَةِ، وَمَا يُقَابِلُهُ مِنَ الثَّمَنِ، يَدْخُلُ فِيهَا. وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا يَنْفُذُ فِيهِ الْبَيْعُ، يَزِيدُ بِزِيَادَةِ التَّرِكَةِ، وَيَنْقُصُ بِنَقْصِهَا. وَيُتَوَصَّلُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْمَقْصُودِ بِطُرُقٍ.
مِنْهَا أَنْ يُنْسَبَ ثُلُثُ الْمَالِ إِلَى قَدْرِ الْمُحَابَاةِ. وَيُصَحَّحُ الْبَيْعُ فِي الْمَبِيعِ بِمِثْلِ نِسْبَةِ الثُّلُثِ مِنَ الْمُحَابَاةِ.
فَنَقُولُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ: ثُلُثُ الْمَالِ عَشَرَةٌ، وَالْمُحَابَاةُ عِشْرُونَ، وَالْعَشَرَةُ نِصْفُ الْعِشْرِينَ، فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ، وَقِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ، بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَهُوَ خَمْسَةٌ، كَأَنَّهُ اشْتَرَى سُدُسَهُ بِخَمْسَةٍ، وَوَصَّى لَهُ بِثُلُثِهِ، وَيَبْقَى مَعَ الْوَرَثَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute