وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي طَرْدِ الْأَوْجُهِ بَيْنَ أَنْ يُصَرِّحَ بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، أَوْ يَذْكُرَ أَحَدَهُمَا وَنَحْكُمُ بِاسْتِتْبَاعِهِ الْآخَرَ. وَحَسَنٌ أَنْ يُفَرَّقَ فَيُقَالُ: إِنْ صُرِّحَ، فَمَقْصُودَانِ قَطْعًا. وَإِنْ ذُكِرَ أَحَدُهُمَا، فَهُوَ الْمَقْصُودُ، وَالْآخَرُ تَابِعٌ.
فَرْعٌ
يَلْزَمُ الْمُرْضِعَةُ أَنْ تَأْكُلَ وَتَشْرَبَ مَا يُدَرُّ بِهِ اللَّبَنُ، وَلِلْمُكْتَرِي أَنْ يُكَلِّفَهَا ذَلِكَ.
الثَّانِي: إِذَا اسْتَأْجَرَ وَرَّاقًا، فَعَلَى مَنِ الْحِبْرُ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ طُرُقٍ. أَصَحُّهَا: الرُّجُوعُ إِلَى الْعَادَةِ. فَإِنِ اضْطَرَبَتْ، وَجَبَ الْبَيَانُ، وَإِلَّا فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ. وَأَشْهَرُهَا: الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَرَّاقِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ اللَّبَنَ هَلْ يَتْبَعُ الْحِضَانَةَ ٠ وَإِذَا أَوْجَبْنَا عَلَى الْوَرَّاقِ، فَهُوَ كَاللَّبَنِ فِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَقْدِيرُهُ. وَإِنْ صَرَّحَ بِاشْتِرَاطِهِ عَلَيْهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِالْإِرْضَاعِ وَالْحِضَانَةِ.
وَإِذَا لَمْ نُوجِبْهُ عَلَيْهِ، فَشُرِطَ فِي الْعَقْدِ، بَطَلَ الْعَقْدُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا، وَإِلَّا، فَطَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ الْعَقْدُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْكِتَابَةُ، وَالْحِبْرُ تَابِعٌ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ شِرَاءٌ وَاسْتِئْجَارٌ، وَلَيْسَ الْحِبْرُ كَاللَّبَنِ، لِإِمْكَانِ إِفْرَادِهِ بِالشِّرَاءِ. وَعَلَى هَذَا، يُنْظَرُ، فَإِنْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ مِنْكَ هَذَا الْحِبْرَ عَلَى أَنْ تَكْتُبَ بِهِ كَذَا، فَهُوَ كَشِرَاءِ الزَّرْعِ بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ.
وَإِنْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ الْحِبْرَ وَاسْتَأْجَرْتُكَ لِتَكْتُبَ بِهِ كَذَا بِعَشَرَةٍ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: اشْتَرَيْتُ الزَّرْعَ وَاسْتَأْجَرْتُكَ لِتَحْصُدَهُ بِعَشَرَةٍ. وَإِنْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ الْحِبْرَ بِدِرْهَمٍ وَاسْتَأْجَرْتُكَ لِتَكْتُبَ بِهِ بِعَشَرَةٍ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: اشْتَرَيْتُ الزَّرْعَ بِعَشَرَةٍ وَاسْتَأْجَرْتُكَ لِتَحْصُدَهُ بِدِرْهَمٍ، وَحُكْمُ الصُّوَرِ مَذْكُورٌ فِي الْبَيْعِ.
إِذَا اسْتَأْجَرَ الْخَيَّاطَ وَالصَّبَّاغَ وَمُلَقِّحَ النَّخْلِ وَالْكَحَّالَ، فَالْقَوْلُ فِي الْخَيْطِ وَالصَّبْغِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute