للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَلْزَمُهُ كُلُّ الْقِيمَةِ، أَمْ نِصْفُهَا، أَمْ قِسْطُ الزِّيَادَةِ مِنْ جُمْلَةِ الْقِيمَةِ؟ فِيهِ أَقْوَالٌ. أَظْهَرُهَا: الثَّالِثُ، وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ. وَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ، أَنَّ الثَّانِي أَظْهَرُ. وَلَوْ تَلِفَتِ الدَّابَّةُ بِسَبَبٍ غَيْرِ الْحَمْلِ، ضَمِنَ عِنْدِ انْفِرَادِهِ بِالْيَدِ، وَلَمْ يَضْمَنْ إِذَا لَمْ يَنْفَرِدْ. وَ [أَمَّا] إِذَا لَمْ يَحْمِلِ الْمُسْتَأْجِرُ الطَّعَامَ بِنَفْسِهِ، وَلَكِنَّهُ كَالَهُ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْمُؤَجِّرِ، فَحَمَلَهُ الْمُؤَجِّرُ عَلَى الْبَهِيمَةِ، فَإِنْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ جَاهِلًا بِالْحَالِ، بِأَنْ قَالَ لَهُ هُوَ عَشَرَةٌ كَاذِبًا، وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْمَذْهَبِ، كَمَا لَوْ حَمَلَ بِنَفْسِهِ.

وَقِيلَ: قَوْلَانِ، لِاجْتِمَاعِ الْغُرُورِ وَالْمُبَاشَرَةِ. وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالزِّيَادَةِ، نُظِرَ، إِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ شَيْئًا، وَلَكِنْ حَمَلَهُ الْمُؤَجِّرُ، فَحُكْمُهُ مَا يَأْتِي فِي الْحَالِ الثَّانِي، لِأَنَّهُ حَمَلَ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَضَعَهُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْأَرْضِ فَيَحْمِلَهُ الْمُؤَجِّرُ عَلَى الْبَهِيمَةِ، وَبَيْنَ أَنْ يَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ وَهَى وَاقِفَةٌ فَيُسَيِّرَهَا الْمُؤَجِّرُ. وَإِنْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: احْمِلْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ، فَأَجَابَهُ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: هُوَ مُسْتَعِيرٌ لِلْبَهِيمَةِ فِي الزِّيَادَةِ، فَلَا أُجْرَةَ لَهَا، وَإِذَا تَلِفَتِ الْبَهِيمَةُ بِالْحَمْلِ، فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ. وَفِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ مَا يُنَازِعُهُ فِي الْأُجْرَةِ وَالضَّمَانِ جَمِيعًا.

الْحَالُ الثَّانِي: إِذَا كَالَ الْمُؤَجِّرُ وَحَمَلَهُ عَلَى الْبَهِيمَةِ، فَلَا أُجْرَةَ لِمَا زَادَ، سَوَاءٌ غَلِطَ أَوْ تَعَمَّدَ، وَسَوَاءٌ جَهِلَ الْمُسْتَأْجِرُ الزِّيَادَةَ أَوْ عَلِمَهَا وَسَكَتَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي نَقْلِ الزِّيَادَةِ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْبَهِيمَةِ، وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمُؤَجِّرِ بِرَدِّ الزِّيَادَةِ إِلَى الْمَوْضِعِ الْمَنْقُولِ مِنْهُ، وَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يَرُدَّهَا دُونَ رِضَاهُ. فَلَوْ لَمْ يَعْلَمِ الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّى عَادَ إِلَى الْبَلَدِ الْمَنْقُولِ مِنْهُ، فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمُؤَجِّرِ بِرَدِّهَا. وَالْأَظْهَرُ أَوِ الْأَصَحُّ: أَنَّ لَهُ مُطَالَبَتَهُ بِبَدَلِهَا فِي الْحَالِ، كَمَا لَوْ أَبِقَ الْمَغْصُوبُ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ.

وَالثَّانِي: لَا يُطَالِبُهُ بِبَدَلِهَا، لِأَنَّ عَيْنَ مَالِهِ بَاقِيَةٌ، وَرَدَّهَا مَقْدُورٌ عَلَيْهِ. فَإِذَا قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، فَغُرِّمَ الْبَدَلُ، فَإِذَا رَدَّهَا إِلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ، اسْتَرَدَّ الْبَدَلَ وَرَدَّهَا إِلَيْهِ.

أَمَّا لَوْ كَالَ الْمُؤَجِّرُ، وَحَمَلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْبَهِيمَةِ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: إِنْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ عَالِمًا بِالزِّيَادَةِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ كَالَ بِنَفْسِهِ وَحَمَلَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>