هَذَا لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ، وَلِلْأَوَّلِينَ أَنْ يَقُولُوا: إِنَّمَا حَكَمْنَا بِالْعِتْقِ عَلَى الْمَيِّتِ لِجَعْلِنَا الْوَارِثَ نَائِبًا عَنْهُ، فَكَيْفَ يَنْتَفِي اخْتِيَارُهُ مَعَ النِّيَابَةِ؟ لَكِنَّهُمَا حُكْمِيَّانِ.
وَأَمَّا الثَّانِي: فَلَا يُسَلَّمُ أَنَّ الْعِتْقَ يَحْصُلُ بَعْدَ الْمَوْتِ، بَلْ يَسْتَنِدُ إِلَى قُبَيْلِ الْمَوْتِ كَمَا سَبَقَ.
ثُمَّ وَلَاءُ مَا عَتَقَ مِنْهُ لِلْمَيِّتِ.
وَهَلْ يَشْتَرِكُ فِيهِ الِابْنَانِ، أَمْ يَنْفَرِدُ بِهِ الْقَابِلُ؟ وَجْهَانِ.
وَلَوْ أَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِبَعْضِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَمَاتَ الْمُوصَى لَهُ، وَقَبِلَ وَارِثُهُ، فَالْقَوْلُ فِي عِتْقِهِ عَلَى الْمَيِّتِ وَتَقْوِيمُ الْبَاقِي عَلَيْهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
السَّادِسَةُ: أَوْصَى بِأَمَةٍ لِابْنِهَا مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ خَرَجَتْ مِنَ الثُّلُثِ، وَقَبِلَ الِابْنُ الْوَصِيَّةَ، عَتَقَتْ عَلَيْهِ.
وَإِنْ رَدَّ، بَقِيَتْ لِلْوَارِثِ.
وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ، فَالْجَوَابُ فِي قَدْرِ الثُّلُثِ كَذَلِكَ.
وَأَمَّا الزَّائِدُ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْوَارِثُ وَهُوَ مُوسِرٌ، عَتَقَ عَلَيْهِ.
ثُمَّ إِنْ لَمْ يَقْبَلِ ابْنُهَا الْوَصِيَّةَ، فَقَدْ تَبَيَّنَّا أَنَّ جَمِيعَهَا لِلْوَارِثِ، فَيَسْرِي الْعِتْقُ مِنَ الْبَعْضِ الَّذِي أَعْتَقَهُ إِلَى الْبَاقِي.
وَإِنْ قَبِلَ، عَتَقَ عَلَيْهِ مَا قَبِلَ.
قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: وَلَا يُقَوَّمُ نَصِيبُهُ عَلَى الْوَارِثِ، لِأَنَّا تَبَيَّنَّا بِالْقَبُولِ حُصُولَ مِلْكِهِ بِالْمَوْتِ وَتَقَدُّمَهُ عَلَى إِعْتَاقِ الْوَارِثِ الزِّيَادَةَ، وَلَا يُقَوَّمُ نَصِيبُ الْوَارِثِ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ قَبْلَ قَبُولِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: الصَّوَابُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ أَنْ يُقَالَ: إِنْ قُلْنَا: يُمْلَكُ بِالْمَوْتِ ابْتِدَاءً، وَتَبَيَّنَّا، قُوِّمَ نَصِيبُ الْوَارِثِ عَلَيْهِ.
وَإِنْ قُلْنَا: يُمْلَكُ بِالْقَبُولِ، عَتَقَ الْكُلُّ عَلَى الْوَارِثِ ; لِأَنَّهُ يَسْرِي مِنْ نَصِيبِهِ إِلَى قَدْرِ الثُّلُثِ.
وَالْقَبُولُ بَعْدَهُ كَإِعْتَاقِ الشَّرِيكِ الثَّانِي بَعْدَ إِعْتَاقِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مُوسِرٌ.
هَذَا إِذَا حَكَمْنَا بِحُصُولِ السِّرَايَةِ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ.
فَإِنْ قُلْنَا: لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ، فَقَبُولُهُ كَإِعْتَاقِ الشَّرِيكِ الثَّانِي نَصِيبَهُ قَبْلَ أَخْذِ الْقِيمَةِ.
وَفِيهِ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: يَنْفُذُ ; لِأَنَّهُ مِلْكُهُ.
وَأَصَحُّهُمَا: لَا ; لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْتَحَقَّ تَقْوِيمَهُ عَلَيْهِ.
فَعَلَى هَذَا، لَهُ قِيمَةُ نَصِيبِهِ عَلَى الْوَارِثِ.
فَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، وَوَارِثُ الْمُوصِي ابْنٌ لَهُ مِنْ هَذِهِ الْأَمَةِ بِنِكَاحٍ، فَإِنْ رَدَّ الْمُوصَى لَهُ، عَتَقَتْ عَلَى الِابْنِ الَّذِي