وَعَلَى ضَعِيفِ الْبَصَرِ إِنْ كَانَ يُدْرِكُ الشَّخْصَ، وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَتَّقِيَ السِّلَاحَ.
وَمِنْهَا: الْفَقْرُ، فَلَا جِهَادَ عَلَى مَنْ عَجَزَ عَنْ سِلَاحٍ وَأَسْبَابِ الْقِتَالِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَجِدَ نَفَقَةَ طَرِيقِهِ ذِهَابًا وَرُجُوعًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَهْلٌ وَلَا عَشِيرَةٌ، فَفِي اشْتِرَاطِ نَفَقَةِ الرُّجُوعِ وَجْهَانِ سَبَقَا فِي الْحَجِّ، فَإِنْ كَانَ الْقِتَالُ عَلَى بَابِ الْبَلَدِ، أَوْ حَوَالَيْهِ، سَقَطَ اشْتِرَاطُ نَفَقَةِ الطَّرِيقِ، وَيُشْتَرَطُ وِجْدَانُ رَاحِلَةٍ إِنْ كَانَ سَفَرُهُ مَسَافَةَ الْقَصْرِ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ جَمِيعِ ذَلِكَ فَاضِلًا عَنْ نَفَقَةِ مَنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَسَائِرُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْحَجِّ، وَكُلُّ عُذْرٍ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ، يَمْنَعُ وُجُوبَ الْجِهَادِ إِلَّا أَمْنَ الطَّرِيقِ، فَإِنَّهُ شُرِطَ هُنَاكَ وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْغَزْوِ عَلَى رُكُوبِ الْمَخَاوِفِ، هَذَا إِنْ كَانَ الْخَوْفُ مِنْ طَلَائِعِ الْكُفَّارِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مِنْ مُتَلَصِّصِي الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ بَذَلَ لِلْفَاقِدِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ، إِلَّا أَنْ يَبْذُلَهُ الْإِمَامُ، فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقْبَلَ وَيُجَاهِدَ؛ لِأَنَّ مَا يُعْطِيهِ الْإِمَامُ حَقَّهُ، وَلَا يَلْزَمُ الذِّمِّيَّ الْجِهَادُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجِهَادَ لَا يَجِبُ إِلَّا عَلَى مُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ ذَكَرٍ حُرٍّ مُسْتَطِيعٍ، وَلَا جِهَادَ عَلَى رَقِيقٍ وَإِنْ أَمْرَهُ سَيِّدُهُ؛ إِذْ لَيْسَ الْقِتَالُ مِنَ الِاسْتِخْدَامِ الْمُسْتَحَقِّ لِلسَّيِّدِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْ سَيِّدِهِ عِنْدَ خَوْفِهِ عَلَى رُوحِهِ إِذَا لَمْ نُوجِبُ الدَّفْعَ عَنِ الْغَيْرِ، بَلِ السَّيِّدُ فِي ذَلِكَ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَلِلسَّيِّدِ اسْتِصْحَابُهُ فِي سِفْرِ الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ لِيَخْدِمَهُ وَيَسُوسَ دَوَابَّهُ، وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ لَا جِهَادَ عَلَيْهِمْ.
فَرْعٌ
مِمَّا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْجِهَادِ الدَّيْنُ، فَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنُ حَالٍ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ فِي سَفَرِ جِهَادٍ أَوْ غَيْرِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ السَّفَرَ لِتَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ، وَالْحَبْسُ إِنِ امْتَنَعَ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ إِذْ لَا مُطَالَبَةَ فِي الْحَالِ، وَلَوِ اسْتَنَابَ الْمُوسِرُ مَنْ يَقْضِي دَيْنَهُ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ، فَلَهُ الْخُرُوجُ، وَإِنْ أَمْرَهُ بِالْقَضَاءِ مِنْ مَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute