غَائِبٍ، فَلَا، وَمَتَى أَذِنَ صَاحِبُ الدَّيْنِ، فَلَهُ الْخُرُوجُ، وَيَلْتَحِقُ بِأَصْحَابِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا، فَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ فِي سَفَرٍ لَا يَغْلِبُ فِيهِ الْخَطَرُ عَلَى مَا سَبَقَ فِي التَّفْلِيسِ، وَهَلْ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ مَنْعُهُ مِنْ سَفَرِ الْجِهَادِ؟ فِيهِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ، أَصَحُّهَا: لَا. وَالثَّانِي: نَعَمْ، إِلَّا أَنْ يُقِيمَ كَفِيلًا بِالدَّيْنِ. وَالثَّالِثُ: لَهُ الْمَنْعُ إِنْ لَمْ يُخْلِفْ وَفَاءً. وَالرَّابِعُ: لَهُ الْمَنْعُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُرْتَزِقَةِ، وَالْخَامِسُ: لَهُ ذَلِكَ إِنْ كَانَ الدَّيْنُ يَحُلُّ قَبْلَ رُجُوعِهِ، وَرُكُوبِ الْبَحْرِ كَسَفَرِ الْجِهَادِ عَلَى الْأَصَحِّ.
فَرْعٌ
مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ حَيٌّ، يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْجِهَادُ إِلَّا بِإِذْنِهِ، أَوْ بِإِذْنِهِمَا إِنْ كَانَا حَيَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِ كَافِرٍ، وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ كَالْوَالِدَيْنِ، وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ إِذْنُ الْجَدِّ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ، وَلَا الْجَدَّةِ مَعَ وُجُودِ الْأُمِّ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَلَيْسَ لِلْوَالِدِ مَنْعُ الْوَلَدِ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَهُ الْمَنْعُ مِنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ، وَأَمَّا سَفَرُهُ لِطَلَبِ الْعِلْمِ، فَإِنْ كَانَ لِطَلَبِ مَا هُوَ مُتَعَيِّنٌ، فَلَهُ الْخُرُوجُ بِغَيْرِ إِذْنِهِمَا، وَلَيْسَ لَهُمَا الْمَنْعُ، وَإِنْ كَانَ لِطَلَبِ مَا هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، بِأَنْ خَرَجَ لِطَلَبِ دَرَجَةِ الْفَتْوَى وَفِي النَّاحِيَةِ مُسْتَقِلٌّ بِالْفَتْوَى، فَلَيْسَ لَهُمَا الْمَنْعُ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُسْتَقِلٌّ، وَلَكِنْ خَرَجَ جَمَاعَةٌ، فَلَيْسَ لَهُمَا عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِي الْحَالِ مَنْ يَقُومُ بِالْمَقْصُودِ، وَالْخَارِجُونَ، فَلَا يَظْفَرُونَ بِالْمَقْصُودِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ أَحَدٌ، لَمْ يَحْتَجْ إِلَى إِذْنٍ، وَلَا مَنْعَ لَهُمَا قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الْإِثْمَ عَنْ نَفْسِهِ، كَالْفَرْضِ الْمُتَعَيِّنِ عَلَيْهِ، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الصُّورَةَ بِمَا إِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّعَلُّمَ فِي بَلَدِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ ذَلِكَ، بَلْ يَكْفِي أَنْ يُتَوَقَّعَ فِي السَّفَرِ زِيَادَةَ فَرَاغٍ أَوْ إِرْشَادَ أُسْتَاذٍ أَوْ غَيْرَهُمَا، كَمَا لَمْ يُقَيَّدِ الْحُكْمُ فِي سَفَرِ التِّجَارَةِ بِمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهَا بِبَلَدِهِ، بَلِ اكْتُفِيَ بِتَوَقُّعِ زِيَادَةِ رِبْحٍ، أَوْ رَوَاجٍ، وَأَمَّا سَفَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute