للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التِّجَارَةِ وَغَيْرُهُ، فَإِنْ كَانَ قَصِيرًا، فَلَا مَنْعَ مِنْهُ بِحَالٍ، وَإِنْ كَانَ طَوِيلًا، نُظِرَ إِنْ كَانَ فِيهِ خَوْفٌ ظَاهِرٌ، كَرُكُوبِ بِحْرٍ أَوْ بَادِيَةٍ مُخْطِرَةٍ، وَجَبَ الِاسْتِئْذَانُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَهُمَا الْمَنْعُ، وَإِنْ كَانَ الْأَمْنُ غَالِبًا، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا مَنْعَ وَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْذَانُ، وَالْوَلَدُ الْكَافِرُ فِي هَذِهِ الْأَسْفَارِ كَالْمُسْلِمِ، بِخِلَافِ سَفَرِ الْجِهَادِ، فَإِنَّهُ مُتَّهَمٌ فِيهِ، وَالرَّقِيقُ كَالْحُرِّ عَلَى الصَّحِيحِ لِشُمُولِ مَعْنَى الْبِرِّ وَالشَّفَقَةِ.

فَرْعٌ

مَنْ خَرَجَ لِلْجِهَادِ بِإِذْنِ صَاحِبِ الدَّيْنِ أَوِ الْوَالِدَيْنِ، ثُمَّ رَجَعُوا عَنِ الْإِذْنِ، أَوْ كَانَ الْأَبَوَانِ كَافِرَيْنِ، فَخَرَجَ ثُمَّ أَسْلَمَا، وَلَمْ يَأْذَنَا، وَعَلِمَ الْمُجَاهِدُ الْحَالَ، فَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْقِتَالِ، وَلَمْ يَحْضُرِ الْوَقْعَةَ لَزِمَهُ الِانْصِرَافُ إِلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ يَخَافَ انْكِسَارَ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَلْزَمُهُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الِانْصِرَافُ لِلْخَوْفِ، وَأَمْكَنَهُ أَنْ يُقِيمَ فِي قَرْيَةٍ فِي الطَّرِيقِ حَتَّى يَرْجِعَ الْجَيْشُ، لَزِمَهُ أَنْ يُقِيمَ، وَأَوْهَمَ فِي «الْوَسِيطِ» خِلَافًا فِي وُجُوبِ الْإِقَامَةِ هُنَاكَ، وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ قَوْلًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الِانْصِرَافُ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْقِتَالِ، فَأَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، أَصَحُّهَا: تَجِبُ الْمُصَابَرَةُ، وَيَحْرُمُ الِانْصِرَافُ، وَالثَّانِي: يَجِبُ الِانْصِرَافُ، وَالثَّالِثُ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الِانْصِرَافِ وَالْمُصَابَرَةِ، وَالرَّابِعُ: يَجِبُ الِانْصِرَافُ إِنْ رَجَعَ صَاحِبُ الدَّيْنِ دُونَ الْأَبَوَيْنِ إِنْ رَجَعَ، لِعَظْمِ شَأْنِ الدَّيْنِ وَمَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ الِاسْتِئْذَانُ، فَخَرَجَ بِلَا إِذْنٍ، لَزِمَهُ الِانْصِرَافُ مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي الْقِتَالِ؛ لِأَنَّ سَفَرَهُ سَفَرُ مَعْصِيَةٍ إِلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ، فَإِنْ شَرَعَ فِي الْقِتَالِ، فَوَجْهَانِ مُرَتَّبَانِ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ أَوْلَى بِوُجُوبِ الِانْصِرَافِ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ الْخُرُوجِ مَعْصِيَةٌ، وَلَوْ خَرَجَ عَبْدٌ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ، لَزِمَهُ الِانْصِرَافُ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْوَقْعَةَ، فَإِنْ حَضَرَ، فَلَا، قَالَ الرُّويَانِيُّ: يُسْتَحَبُّ الرُّجُوعُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>