للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ» وَلَمْ يُفَرِّقْ، وَلِأَنَّ الرِّقَّ يُزِيلُ مِلْكَهَا عَنْ نَفْسِهَا، فَعِصْمَةُ النِّكَاحِ أَوْلَى بِالزَّوَالِ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجَانِ رَقِيقَيْنِ، فَغُنِمَا، أَوْ أَحَدُهُمَا، فَفِي انْقِطَاعِ النِّكَاحِ وَجْهَانِ، سَوَاءٌ أَسْلَمَا أَمْ لَا، أَصَحُّهُمَا: لَا يَنْقَطِعُ إِذَا لَمْ يَحْدُثْ رِقٌّ، وَإِنَّمَا انْتَقَلَ مِنْ شَخْصٍ إِلَى شَخْصٍ، فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ وَغَيْرَهُ، وَالثَّانِي: يَنْقَطِعُ، لِحُدُوثِ السَّبْيِ، وَلِهَذَا لَوْ سُبِيَتْ مُسْتَوْلَدَةٌ، صَارَتْ قِنَّةً، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْأَوَّلِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ كَانَ لِمُسْلِمٍ عَلَى حَرْبِيٍّ دَيْنٌ، فَاسْتُرِقَّ، لَمْ يَسْقُطِ الدَّيْنُ، فَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِلسَّابِي، فَفِي سُقُوطِهِ الْوَجْهَانِ فِيمَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَبْدِ غَيْرِهِ فَمَلَكَهُ، وَإِذَا لَمْ يَسْقُطْ، قَضَى مِنَ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ اسْتِرْقَاقِهِ، وَيُقَدَّمُ الدَّيْنُ عَلَى الْغَنِيمَةِ، كَمَا يُقَدَّمُ عَلَى الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ بِالرِّقِّ، كَمَا أَنَّ الدَّيْنَ عَلَى الْمُرْتَدِّ يُقْضَى مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ أَزَلْنَا مِلْكَهُ، وَلِأَنَّ الرِّقَّ كَالْمَوْتِ وَالْحَجْرِ، وَكِلَاهُمَا يُعَلِّقُ الدَّيْنَ بِالْمَالِ، فَإِنْ غُنِمَ الْمَالُ قَبْلَ اسْتِرْقَاقِهِ، مَلَكَهُ الْغَانِمُونَ، وَلَمْ يُقْضَ مِنْهُ الدَّيْنُ، كَمَا لَوِ انْتَقَلَ مِلْكُهُ بِوَجْهٍ آخَرَ، وَإِنْ غُنِمَ مَعَ اسْتِرْقَاقِهِ، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يُقَدَّمُ الدَّيْنُ، كَمَا يُقَدَّمُ فِي التَّرِكَةِ، وَأَصَحُّهُمَا: تُقَدَّمُ الْغَنِيمَةُ، لِتَعَلُّقِهَا بِالْعَيْنِ، كَمَا يُقَدَّمُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَلَيْسَ مِنَ الْمَعِيَّةِ أَنْ يَقَعَ الِاغْتِنَامُ مَعَ الْأَسْرِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ يُمْلَكُ بِنَفْسِ الْأَخْذِ، وَالرِّقُّ لَا يَحْصُلُ بِنَفْسِ الْأَسْرِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>