قَاضٍ وَإِلَّا فَيَجُوزُ قَطْعًا وَالْمَذْهَبُ طَرْدُهُمَا فِي الْحَالَيْنِ، فَإِذَا جَوَّزْنَا التَّحْكِيمَ اشْتُرِطَ فِي الْمُحَكِّمِ صِفَاتُ الْقَاضِي، وَلَا يُنَفَّذُ حُكْمُهُ إِلَّا عَلَى مَنْ رَضِيَ بِحُكْمِهِ حَتَّى لَا تُضْرَبَ دِيَةُ الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ إِذَا لَمْ يَرْضَوْا بِحُكْمِهِ، وَلَا يَكْفِيَ رِضَى الْقَاتِلِ، وَقِيلَ: يَكْفِي، وَالْعَاقِلَةُ تَبَعٌ لَهُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.
قَالَ السَّرَخْسِيُّ: الْخِلَافُ مَخْصُوصٌ بِقَوْلِنَا تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْجَانِي، ثُمَّ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ، فَإِنْ قُلْنَا: تَجِبُ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً لَمْ تُضْرَبْ عَلَيْهِمْ إِلَّا بِرِضَاهُمْ قَطْعًا وَهَذَا حَسَنٌ.
قَالَ السَّرَخْسِيُّ: وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمُتَحَاكِمَيْنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا الْقَاضِي نَفْسَهُ، فَإِنْ كَانَ، فَهَلْ يُشْتَرَطُ رِضَا الْآخَرِ؟ فِيهِ اخْتِلَافُ نَصٍّ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ، وَلْيَكُنْ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى جَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ إِنْ جَازَ، فَالْمَرْجُوعُ إِلَيْهِ نَائِبُ الْقَاضِي.
قَالَ: وَيُشْتَرَطُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ كَوْنُ الْمُتَحَاكِمَيْنِ بِحَيْثُ يَجُوزُ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْكُمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ابْنَهُ أَوْ أَبَاهُ، لَمْ يَجُزْ.
وَلَيْسَ لِلْمُحَكَّمِ الْحَبْسُ، بَلْ غَايَتُهُ الْإِثْبَاتُ وَالْحُكْمُ وَقِيلَ: يَحْبِسُ وَهُوَ شَاذٌّ وَهَلْ يُلْزِمُ حُكْمَهُمَا بِنَفْسِ الْحُكْمِ كَحُكْمِ الْقَاضِي أَمْ لَا يُلْزِمُهُ إِلَّا بِتَرَاضِيهِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ، وَيُقَالُ: وَجْهَانِ، أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ، وَمَتَى رَجَعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْحُكْمِ، امْتَنَعَ الْحُكْمُ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِيَ شَاهِدِينَ، فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: عَزَلْتُكَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ.
وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: إِنْ أَحَسَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ فَرَجَعَ، فَفِي تَمْكِينِهِ مِنَ الرُّجُوعِ وَجْهَانِ خَرَّجَهُمَا، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَإِذَا جَوَّزْنَا التَّحْكِيمَ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ، فَخَطَبَ امْرَأَةً، وَحَكَّمَا رَجُلًا فِي التَّزْوِيجِ، كَانَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَاخْتِيَارُ الْأُسْتَاذَيْنِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيِّ، وَأَبِي طَاهِرٍ الزِّيَادَيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمَشَايِخِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِيهِ التَّحْكِيمُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute