للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُرْشِدُ إِلَى الْإِنْكَارِ عَلَى مَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَإِذَا كَانَ يَدَّعِي دَعْوَى غَيْرَ مُحَرَّرَةٍ، قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: يَجُوزُ أَنْ تُبَيَّنَ لَهُ كَيْفِيَّةُ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَجُوزُ، وَتَعْرِيفُ الشَّاهِدِ كَيْفِيَّةَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ قَالَ فِي الْعُدَّةِ: أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ، وَلَا بَأْسَ بِالِاسْتِفْسَارِ بِأَنْ يَدَّعِيَ دَرَاهِمَ، فَيَقُولُ: أَهِيَ صِحَاحٌ أَمْ مَكْسُورَةٌ؟ وَيُسْتَحَبُّ إِذَا أَرَادَ الْحُكْمَ أَنْ يُجْلِسَ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ، وَيَقُولَ: قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَيْكَ بِكَذَا، وَرَأَيْتُ الْحُكْمَ عَلَيْكَ. لِيَكُونَ أَطْيَبَ لِقَلْبِهِ، وَأَبْعَدَ عَنِ التُّهْمَةِ، وَنَصَّ فِي «الْأُمِّ» أَنَّهُ يَنْدُبُهُمَا إِلَى الصُّلْحِ بَعْدَ ظُهُورِ وَجْهِ الْحُكْمِ، وَيُؤَخِّرُ الْحُكْمَ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ إِذَا سَأَلَهُمَا، فَجَعَلَاهُ فِي حِلٍّ مِنَ التَّأْخِيرِ، فَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى التَّحْلِيلِ لَمْ يُؤَخِّرْ.

الثَّالِثَةُ: إِذَا جَلَسَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ حَتَّى يَتَكَلَّمَا، وَلَهُ أَنْ يَقُولَ: لِيَتَكَلَّمِ الْمُدَّعِي مِنْكُمَا، وَأَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي إِذَا عَرَفَهُ: تَكَلَّمْ، وَلَوْ خَاطَبَهُمَا بِذَلِكَ الْأَمِينُ الْوَاقِفُ عَلَى رَأْسِهِ، كَانَ أَوْلَى، فَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي، طَالَبَ خَصْمَهُ بِالْجَوَابِ، وَقَالَ: مَا تَقُولُ؟ وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ بِالْجَوَابِ حَتَّى يَسْأَلَهُ الْمُدَّعِي، ثُمَّ يَنْظُرُ فِي الْجَوَابِ إِنْ أَقَرَّ بِالْمُدَّعَى، فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَطْلُبَ مِنَ الْقَاضِي الْحُكْمَ عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ يَحْكُمُ، بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: اخْرُجْ مِنْ حَقِّهِ، أَوْ كَلَّفْتُكَ الْخُرُوجَ مِنْ حَقِّهِ، أَوْ أَلْزَمْتُكَ، وَمَا أَشْبَهَهُمَا. وَهَلْ يَثْبُتُ الْمُدَّعَى بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ، أَمْ يَفْتَقِرُ ثُبُوتُهُ إِلَى قَضَاءِ الْقَاضِي؟ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: يَفْتَقِرُ كَالثُّبُوتِ بِالْبَيِّنَةِ، وَأَصَحُّهُمَا لَا؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْإِقْرَارِ عَلَى وُجُوبِ الْحَقِّ جَلِيَّةٌ، وَالْبَيِّنَةُ تَحْتَاجُ إِلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ. هَكَذَا ذُكِرَتِ الْمَسْأَلَةُ وَلَا يَظْهَرُ الْخِلَافُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْكَلَامُ فِي ثُبُوتِ الْمُدَّعَى بِهِ فِي نَفْسِهِ، فَمَعْلُومٌ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِقْرَارِ، فَكَيْفَ عَلَى الْحُكْمِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ؟ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْمُطَالَبَةَ وَالْإِلْزَامَ، فَلَا خِلَافَ أَنَّ لِلْمُدَّعِي الطَّلَبَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَلِلْقَاضِي الْإِلْزَامُ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَلِلْقَاضِي أَنْ يَسْكُتَ، وَلَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي: أَلَكَ بَيِّنَةٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>