للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقِيلَ: لَا يَقُولُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّلْقِينِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: لِي بَيِّنَةٌ، وَأَقَامَهَا، فَذَاكَ، وَإِنْ قَالَ: لَا أُقِيمُهَا، وَأُرِيدُ يَمِينَهُ، مُكِّنَ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ: لَيْسَ لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ فَحَلَّفَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ سُمِعَتْ، وَإِنْ قَالَ: لَا بَيِّنَةَ لِي حَاضِرَةٌ، وَلَا غَائِبَةٌ، سُمِعَتْ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَمْ يَعْرِفْ، أَوْ نَسِيَ، ثُمَّ عَرَفَ أَوْ تَذَكَّرَ، وَقِيلَ: لَا يَسْمَعُ لِلْمُنَاقِضَةِ إِلَّا أَنْ يَذْكُرَ لِكَلَامِهِ تَأْوِيلًا، كَكُنْتُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا. وَلَوْ قَالَ: لَا بَيِّنَةَ لِي، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، فَقَالَ الْبَغَوِيُّ: هُوَ كَقَوْلِهِ لَا بَيِّنَةَ لِي حَاضِرَةٌ، وَقِيلَ: كَقَوْلِهِ لَا حَاضِرَةٌ وَلَا غَائِبَةٌ، فَيَكُونُ فِيهِ الْوَجْهَانِ، وَلَوْ قَالَ: شُهُودِي عَبِيدٌ أَوْ فَسَقَةٌ، ثُمَّ أَتَى بِعُدُولٍ، قَبِلْنَا شَهَادَتَهُمْ إِنْ مَضَى زَمَانٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْعِتْقُ وَالِاسْتِبْرَاءُ.

فَرْعٌ

حَكَى الْهَرَوِيُّ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ الْحَقَّ يَجِبُ بِفَرَاغِ الْمُدَّعِي مِنَ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ، أَمْ لَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ الْحَاكِمِ، أَوْ أَشَارَ إِلَى بِنَائِهِمَا عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ أَمْ كَالْإِقْرَارِ؟ .

الرَّابِعَةُ: إِذَا ازْدَحَمَ جَمَاعَةُ مُدَّعِينَ، فَإِنْ عَرَفَ السَّبْقَ، قَدَّمَ الْأَسْبَقَ فَالْأَسْبَقَ، وَالِاعْتِبَارُ سَبْقُ الْمُدَّعِي دُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ جَاءُوا مَعًا، أَوْ جُهِلَ السَّبْقُ، أَقْرَعَ، فَإِنْ كَثُرُوا وَعَسُرَ الْإِقْرَاعُ، كَتَبَ أَسْمَاءَهُمْ فِي رِقَاعٍ، وَصُبَّتْ بَيْنَ يَدَيِ الْقَاضِي لِيَأْخُذَهَا وَاحِدَةً وَاحِدَةً، وَيَسْمَعَ دَعْوَى مَنْ خَرَجَ اسْمُهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَتِّبَ ثِقَةً يَكْتُبُ أَسْمَاءَهُ يَوْمَ قَضَائِهِ لِيَعْرِفَ تَرْتِيبَهُمْ، وَلَوْ قَدَّمَ الْأَسْبَقُ غَيْرَهُ عَلَى نَفْسِهِ، جَازَ، وَالْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسُ يُقَدَّمَانِ عِنْدَ الِازْدِحَامِ أَيْضًا بِالسَّبَقِ أَوْ بِالْقُرْعَةِ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي يُعَلِّمُهُ لَيْسَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ، فَالِاخْتِيَارُ إِلَيْهِ فِي تَقْدِيمِ مَنْ شَاءَ.

وَلَا يُقَدِّمُ الْقَاضِي مُدَّعِيًا بِشَرَفٍ وَلَا غَيْرِهِ إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>