للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ

إِذَا جَهِلَ الْقَاضِي إِسْلَامَ الشَّاهِدِ، لَمْ يَقْنَعْ بِظَاهِرِ الدَّارِ، بَلْ يَبْحَثُ عَنْهُ، وَيَكْفِي فِيهِ قَوْلُ الشَّاهِدِ.

وَلَوْ جَهِلَ حُرِّيَّتَهُ بَحَثَ أَيْضًا، وَلَا يَكْفِي فِيهِ قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِهَا بِخِلَافِ الْإِسْلَامِ، وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ وَجْهًا أَنَّ الِاسْتِزْكَاءَ لَا يَجِبُ مُطْلَقًا إِلَّا إِذَا طَلَبَهُ الْخَصْمُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.

فَرْعٌ

قَالَ فِي الْعُدَّةِ: إِذَا اسْتَفَاضَ فِسْقُ الشَّاهِدِ بَيْنَ النَّاسِ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ، وَيُجْعَلُ الْمُسْتَفِيضُ كَالْمَعْلُومِ.

الثَّالِثَةُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْقَاضِي مُزَكُّونَ وَأَصْحَابُ مَسَائِلَ، فَالْمُزَكُّونَ [هُمُ] الْمَرْجُوعُ إِلَيْهِمْ لِيُبَيِّنُوا حَالَ الشُّهُودِ، وَأَصْحَابُ الْمَسَائِلِ هُمُ الَّذِينَ يَبْعَثُهُمْ إِلَى الْمُزَكِّينَ، لِيَبْحَثُوا وَيَسْأَلُوا، وَرُبَّمَا فُسِّرَ أَصْحَابُ الْمَسَائِلِ فِي لَفْظِ الشَّافِعِيِّ بِالْمُزَكِّينَ، ثُمَّ الْمُخْبِرُونَ عَنْ فِسْقِ الشُّهُودِ وَعَدَالَتِهِمْ ضَرْبَانِ، أَحَدُهُمَا: مَنْ نَصَبَهُ الْحَاكِمُ لِلْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ مُطْلَقًا أَوْ فِي وَاقِعَةٍ خَاصَّةٍ، فَيَسْمَعُ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِمَا، وَمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنْهَاهُ إِلَى الْقَاضِي.

وَالثَّانِي مَنْ يَشْهَدُ بِالْعَدَالَةِ أَوِ الْفِسْقِ، ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَشْهَدُ أَصَالَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِ، وَالْأَوَّلُ قَدْ يَعْرِفُ الْحَالَ فَيَشْهَدُ، وَقَدْ لَا يَعْرِفُ فَيَأْمُرُهُ الْقَاضِي بِالْبَحْثِ لِيَعْرِفَ فَيُشْهِدَ، كَمَا يُوَكِّلُ الْقَاضِي بِالْغَرِيبِ الَّذِي يَدَّعِي الْإِفْلَاسَ مَنْ يَبْحَثُ عَنْهُ وَيُخَالِطُهُ، لِيَعْرِفَ إِفْلَاسَهُ فَيَشْهَدَ، وَأَمَّا الثَّانِي، فَهُوَ شَاهِدُ فَرْعٍ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَشْهَدُ إِلَّا عِنْدَ غَيْبَةِ الْأَصْلِ، أَوْ تَعَذُّرِ حُضُورِهِ، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ، وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَا يُنَازَعُ فِيهِ. وَإِذَا أَرَادَ الْحَاكِمُ الْبَحْثَ عَنْ حَالِ الشُّهُودِ، كَتَبَ اسْمَ الشَّاهِدِ، وَكُنْيَتَهُ إِنِ اشْتَهَرَ بِهَا، وَوَلَاءَهُ إِنْ كَانَ عَلَيْهِ وَلَاءٌ، وَاسْمَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَحِلْيَتَهُ وَحِرْفَتَهُ وَسُوقَهُ وَمَسْجِدَهُ، لِئَلَّا يُشْتَبَهُ بِغَيْرِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>