أَوْ زَكَاةُ مَالِي الْمَفْرُوضَةِ، أَوِ الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ، وَلَا يَكْفِي التَّعَرُّضُ لِفَرْضِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ كَفَّارَةً وَنَذْرًا، وَلَا يَكْفِي مُطْلَقُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ نَوَى الزَّكَاةَ دُونَ الْفَرْضِيَّةِ أَجْزَأَهُ، عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: وَجْهَانِ، كَمَا لَوْ نَوَى الظُّهْرَ فَقَطْ، وَهَذَا ضَعِيفٌ، فَإِنَّ الظُّهْرَ قَدْ تَقَعُ نَفْلًا، وَلَا تَقَعُ الزَّكَاةُ إِلَّا فَرْضًا، وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْمَالِ الْمُزَكَّى، فَلَوْ مَلَكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ حَاضِرَةً، وَمِائَتَيْنِ غَائِبَةً، فَأَخْرَجَ عَشْرَةً بِلَا تَعْيِينٍ، جَازَ، وَكَذَا لَوْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً وَخَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ، فَأَخْرَجَ شَاتَيْنِ بِلَا تَعْيِينٍ، أَجْزَأَهُ، وَلَوْ أَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ مُطْلَقًا، ثُمَّ بَانَ تَلَفُ أَحَدِ الْمَالَيْنِ أَوْ تَلَفُ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْإِخْرَاجِ، فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْمُخْرَجَ عَنِ الْبَاقِي، فَلَوْ عَيَّنَ مَالًا، لَمْ يَنْصَرِفْ إِلَى غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ أَخْرَجَ الْخَمْسَةَ عَنِ الْغَائِبِ، فَبَانَ تَالِفًا، لَمْ يَكُنْ لَهُ صَرْفُهُ إِلَى الْحَاضِرِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ عَنْ مَالِي الْغَائِبِ، إِنْ كَانَ بَاقِيًا، فَبَانَ تَالِفًا، لَمْ يَكُنْ لَهُ صَرْفُهُ إِلَى الْحَاضِرِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ عَنِ الْغَائِبِ، فَإِنْ كَانَ تَالِفًا، فَهِيَ صَدَقَةٌ، أَوْ قَالَ: إِنْ كَانَ الْغَائِبُ بَاقِيًا، فَهَذِهِ زَكَاتُهُ، وَإِلَّا فَهِيَ صَدَقَةٌ، جَازَ، لِأَنَّ هَذِهِ صِفَةُ إِخْرَاجِ زَكَاةِ الْغَائِبِ لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى زَكَاةِ الْغَائِبِ، حَتَّى لَوْ بَانَ تَالِفًا، لَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ إِلَّا إِذَا صَرَّحَ فَقَالَ: هَذِهِ عَنْ مَالِي الْغَائِبِ، فَإِنْ بَانَ تَالِفًا اسْتَرَدَّهَا، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ الْخَمْسَةَ فَقَالَ: إِنْ كَانَ مُوَرِّثِي مَاتَ وَوَرِثْتُ مَالَهُ، فَهَذِهِ زَكَاتُهُ، فَبَانَ أَنَّهُ وَرِثَهُ، لَا يُحْسَبُ الْمُخْرَجُ زَكَاةً؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِرْثِ، وَهُنَا الْأَصْلُ بَقَاءُ الْمَالِ، وَالتَّرَدُّدُ اعْتَضَدَ بِالْأَصْلِ، وَنَظِيرُهُ أَنْ يَقُولَ فِي آخِرِ رَمَضَانَ: أَصُومُ غَدًا إِنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ، يَصِحُّ، وَلَوْ قَالَ فِي أَوَّلِهِ: أَصُومُ غَدًا إِنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ، لَمْ يُجْزِئْهُ، وَهُوَ نَظِيرُ مَسْأَلَةِ الْإِرْثِ.
أَمَّا إِذَا قَالَ: هَذِهِ زَكَاةُ الْغَائِبِ، فَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَعَنِ الْحَاضِرِ، فَالْمَذْهَبُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ: إِنْ كَانَ الْغَائِبُ بَاقِيًا، وَقَعَ عَنْهُ، وَإِلَّا وَقَعَ عَنِ الْحَاضِرِ، وَلَا يَضُرُّ التَّرَدُّدُ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، حَتَّى لَوْ قَالَ: هَذِهِ عَنِ الْحَاضِرِ أَوِ الْغَائِبِ، أَجْزَأَهُ، وَعَلَيْهِ خَمْسَةٌ لِلْآخَرِ. بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الصَّلَاةَ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ إِنْ كَانَ دَخَلَ وَإِلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute