يقتضيه وجه النصب في «إياها» على ما ذكره الكوفيون، والفرق بين إذا الزمانية والمكانية من أوجه:
أحدها أنّ الزمانية تقتضي الجملة الفعلية لما فيها من معنى الشّرط، والمكانية تقع بعدها الجملة الابتدائية أو المبتدأ وحده.
والثاني: أنّ الزمانية تقتضي جوابا والمكانية لا تقتضيه.
والثالث: أنّ الزمانية مضافة إلى الجملة التي بعدها، والمكانية ليست مضافة إلى ما بعدها، بدليل خرجت فإذا زيد فزيد مبتدأ وإذا خبره.
والرابع: أنّ الزمانية تكون في صدر الكلام، نحو إذا جاء زيد فأكرمه، والمكانية لا يبتدأ بها إلا أن تكون جوابا للشرط، كالفاء في قوله: وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ [الروم: ٣٦].
والخامس: أنّ الزمانية تقتضي الاستقبال والمكانية تقتضي معنى الحضور، لأنها للمفاجأة والمفاجأة للحاضر دون المستقبل.
انقضى الكلام عليهما على جهة الاختصار.
***
فكتمت سرّه كما يكتم الدّاء الدخيل، وسترت مكره وإن لم يكن يخيل؛ حتّى إذا نزع عن إعواله، وقد عرف عثوري على حاله، رمقني بعين مضحاك، ثمّ طفق ينشد بلسان متباك. [الرجز]
أستغفر الله وأعنو له ... من فرطات أثقلت ظهريه
يا قوم كم من عاتق عانس ... ممدوحة الأوصاف في الأنديه
قتلتها لا أتّقي وارثا ... يطلب منّي قودا أو ديه
وكلّ ما استذنبت في قتلها ... أحلت بالذّنب على الأقضيه
ولم تزل نفسي في غيّها ... وقتلها الأبكار مستشريه
وقوله: الدّاء الدخيل، وهو الذي لا يتكلّم به استقباحا أو لمحلّه، يخيل: يشتبه ويشكل، وخال يخيل: اشتبه. نزع: كفّ، إعواله: بكائه. عثوري: اطلاعي. رمقني:
نظر إليّ. بعين مضحاك، أي كثير الضحك. متباك: مستعمل للبكاء بتكلّف، أعنو: أذلّ، فرطات: سقطات وزلّات. عاتق: شابة قد أدركت ولم يبن بها زوجها، بل هي بكر، ويريد بها الخمر التي لم يفضّ أحد خاتمها، وعانس: طالت إقامتها في بيت أبيها، الأندية: المجالس. القود: قتل النفس بالنفس. استذنبت: نسبت إلى الذنب: الأقضية:
جمع قضاء، أي كلما قيل لي: فعلت هذا الذنب؟ قلت: إنما هو قضاء الله وقدره، وأخذ هذا المعنى من قول الحسين بن الضحاك: [الوافر]