عقارها كما التّبر ليست بخمطة ... ولا خلّة يكوي الشروب شهابها
وقال الحسن: [الطويل]
وخمّار أنخت عليه ليلا ... قلائص قد تعبن من السّفار
فجمجم والكرى في مقلتيه ... كمخمور شكا ألم الخمار
ابن لي كيف سرت إلى حريمي ... وثوب اللّيل مصبوغ بقار
فقلت له ترفّق بي فإني ... رأيت الصّبح من خلل الدّيار
فكان جوابه أن قال كلّا ... وما صبح سوء صبح العقار
وقام إلى الدّنان فسدّ فاها ... فعاد الليل مسدول الإزار
وقال عبد الصمد: [الطويل]
وخيمة ناظور تحفّ بروضة ... يحييك منها وردها والبنفسج
وأشمط أعلى وسطها بعد هجعة ... تراه بها من قره يتشنّج
دعوت فلبّى وهو بالصوت عارف ... وأقبل نحو الباب يزهو ويهرج
فقلت له المصباح إن كنت مسرجا ... فقال: قفوا فالخمر في الكأس تسرج
***
اعلموا يا ذوي الشّمائل الأدبيّة، والشّموع الذهبيّة، أنّ وضع الأحجيّة، لامتحان الألمعيّة، واستخراج الخبيّة الخفيّة، وشرطها أن تكون ذات مماثلة حقيقيّة، وألفاظ معنوّية، ولطيفة أدبيّة؛ فمتى نافت هذا النّمط، ضاهت السّقط، ولم تدخل السّفط؛ ولم أركم حافظتم على هذه الحدود، ولا مزتم بين المقبول والمردود، فقلنا له: صدقت، وبالحقّ نطقت؛ فكل لنا من لبابك، وأفض علينا من عبابك؛ فقال: أفعل لئلّا يرتاب المبطلون، ويظنّوا بي الظّنون.
***
قوله: «لامتحان الألمعية»، أي لاختبار الفطنة. نافت: باعدت. النّمط: النوع، يقال: الزم هذا النّمط، أي هذا المذهب والفنّ والطريق. ضاهت: شابهت. السّقط:
رديء المتاع وما لا يعبأ به. والسّفط: وعاء لجميع الثياب الرفيعة، وسفط العلوم:
الكتب، أي لم تكتب ولم تدوّن في الكتب. مزتم: فرّقتم. لبابك: خالص ما عندك.
أفض: صبّ. عبابك: بحرك، وعبّ البحر عبابا هاج واضطرب: يرتاب: يشكّ.
***
- والبيت الثاني لأبي ذؤيب في شرح أشعار الهذليين ص ٤٥، ولسان العرب (نبأ)، (خمط)، (خلل)، والمخصص ١١/ ٨.